المعرفة من لم يعرف أنه حي عليم قادر متكلم، فلا يمكن تصوره ومعرفته بدون صفاته، فلا تكون مغايرة لمسمى اسمه، وإن أريد أصل التصور، وهو الشعور به من بعض الوجوه، فقد يشعر به من لا يخطر له حينئذ أنه حي ولا عليم ولا متكلم، فتكون صفاته مغايرة له بالاعتبار الثاني.
وأجاب أحمد أيضاً بأن الله لم يسم كلامه غيراً، ولا قال: إنه ليس بغير، يعني والقائل إذا قال: ماكان غير الله أو سوى الله فهو مخلوق فإن احتج على ذلك بالسمع فلا بد أن يكون مندرجاً هذا اللفظ في كلام الشارع، وليس كذلك، وإن احتج بالعقل فالعقل إنما يدل على خلق الأمور المباينة له، وأما صفاته القائمة بذاته فليست مخلوقة، والذي يجعلون كلامه مخلوقاً يقولون: هو بائن عنه، والعقل يعلم أن كلام المتكلم ليس ببائن عنه.
وبهذا التفصيل يظهر أيضاً الخلل فيما ذكروه من الفرق بين الصفات الذاتية والمعنوية، بأن الذاتية لا يمكن تقدير الذات في الذهن بدون تقديرها، بخلاف المعنوية، فإنه يقال لهم: أم تعنون بتقدير الذات في الذهن، أو تصور الذات، أو نحو ذلك من الألفاظ؟ أتعنون به اصل الشعور والتصور والمعرفة ولو من بعض الوجوه، أم تريدون به التصور والمعرفة والشعور الواجب أو الممكن أو التام؟ فإن عنيتم الأول فما من