وهذا أيضاً غلط، فإن الأدلة الدالة توجب التسوية لو قدر أنه يمكن أن يكون المؤثر غير قادر مختار، فكيف إذا كان ذلك ممتنعاً؟.
وكون المعلول والمفعول لا يكون مفعولاً معلولاً إلا بعد عدمه هو من القضايا الضرورية التي اتفق عليها عامة العقلاء من الأولين والآخرين، وكل هؤلاء يقولون: ما كان معلولاً يمكن وجوده ويمكن عدمه لا يكون إلا حادثاً مسبوقاً بالعدم.
وممن قال ذلك أرسطو وأتباعه، حتى ابن سينا وأمثاله صرحوا بذلك.
لكن ابن سينا تناقض مع ذلك، فزعم أن الفلك هو قديم أزلي، مع كونه ممكناً يقبل الوجود والعدم.
وهذا مخالف لما صرح به هو، وصرح به أئمته وسائر العقلاء، وهو مما أنكره عليه ابن رشد الحفيد، وبين أن هذا مخالف لما صرح به أرسطو وسائر الفلاسفة وأن هذا لم يقله أحد قبله.
وأرسطو لم يكن يقسم الوجود إلى واجب وممكن، ولا يقول: إن الأول موجب بذاته للعالم، بل هذا قول ابن سينا وأمثاله، وهو - وإن كان أقرب إلى الحق مع فساده وتناقضه - فليس هو قول سلفه، بل قول أرسطو وأتباعه: إن الأول إنما افتقر إليه الفلك لكونه يتحرك للتشبه به، لا لكون الأول علة فاعلة له.
وحقيقة قول أرسطو وأتباعه: أن ما كان واجب الوجود فإنه