بنوا ذلك على الإمكان، وهو ان ذلك يتضمن التخصيص المفتقر إلى مخصص، لأنه ترجيح لأحد طرفي الممكن، فهو لا يستدل بالحدوث على المحدث، إلا بناء على أن ذلك ممكن يفتقر إلى واجب، ولا يجعل الممكن دالاً على الواجب، إلا بناء على نفي التسلسل، والتسلسل قد أورد عليه السؤال الذي قال إنه لا جواب له عنه.
وكل هذه المقدمات التي ذكرها لا يفتقر إثبات الصانع إليها، وبتقدير افتقاره إليها فأبطال التسلسل ممكن، فتتم تلك المقدمات وذلك أن إثبات الصانع لا يفتقر إلى حدوث الأجسام كما تقدم، بل نفس ما يشهد حدوثه من الحوادث يغنى عن ذلك، والعلم بأن الحادث يفتقر إلى المحدث هو من أبين العلوم الضرورية وهو أبين من افتقار الممكن إلى المرجح، فلا يحتاج أن يقرر ذلك بان الحدوث ممكن، أو أنه كان يمكن حدوثه على غير ذلك الوجه، فتخصيصه بوجه دون وجه ممكن جائز الطرفين، فيحتاج إلى مرجح مخصص بأحدهما.
وهذه الطريقة يسلكها من متأخري أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية ومن وافقهم على ذلك.
من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم.
وقد نبهنا على أنها وإن كانت صحيحة فإنها تطويل بلا فائدة فيه، واستدلال على الأظهر بالأخفى، وعلى الأقوى