موجوداً، وكلاهما معلوم بالضرورة، لكن الفاعل الذي يبدع غيره أحق بالوجود، وكما أن الوجود من محل الصفة فإن محل الصفة قد يكون جماداً وقد يكون حيواناً وقد يكون قادراً، وقد يكون عاجزاً، والصفة وإن كانت مفتقرة إلى محل وجودي فهو من باب الأفتقار إلى المحل القابل وأما المفعول المفتقر إلى الفاعل فهو من باب الافتقار إلى الفاعل.
ومعلوم أن الحاجة إلى الفاعل فيما له فاعل أقوى من الحاجة إلى القابل فيما له قابل.
وأيضاً فإن القابل شرط في المقبول لا يجب تقدمه عليه بل يجوز اقترانهما بخلاف الفاعل فإنه لا يجوز أن يقارن المفعول، بل لا بد من تقدمه عليه.
ولهذا اتفق العقلاء على أنه لا يجوز أن يكون كل من الشيئين فاعلاً للآخر لا بمعنى كونه علة فاعلة ولا بغير ذلك من المعاني، وأما كون كل من الشيئين شرطاً للآخر فإنه يجوز، وهذا هو الدور المعي، وذاك هو الدور القبلي، وقد بسط هذا في غير