تحققها بدونها لا يوجب افتقارها إلى فاعل أو علة فاعلة، ولكن غاية ما فيه أن تكون الذات مشروطة بالصفة والصفة مشروطة بالذات، وأن تكون الصفة إذا قيل بأنها واجبة لا تقوم إلا بموصوف فإذا قيل: هذا فيه افتقار الواجب إلى غيره لم يلزم أن يكون ذلك الغير فاعلاً ولا علة فاعلة بل إذا قدر أنه يطلق عليه غير فإنما هو شرط من المشروط وكون الذات مشروطة بالصفة اللازمة لها والصفة مشروطة بالذات لا يمنع أن يكون الجميع واجباً بنفسه لا يفتقر إلى فاعل ولا إلى علة فاعلة وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
والمقصود أنه إذا كان قد علم أن الصفة المشروطة بمحلها تقتضي أن يكون محلها موجوداً فالمفعول المفتقر إلى فاعل موجب يقتضي أن يكون فاعله موجوداً بطريق الأولى.
وأيضاً فيقال: الحوادث المشهودة لا بد لها من محدث إذ المحدث من حيث هو محدث وكل ما يقدر محدثاً سواء قدر متناهياً أو غير متناه لا يوجد بنفسه بل لا بد له من فاعل ليس بمحدث والعلم بذلك ضروري إذ طبيعة الحدث تقتقي الإفتقار إلى فاعل فلا بد لكل ما يقدر محدثاً من فاعل فيمتنع أن يكون فاعل كل المحدثات محدثاً فوجب أن يكون قديماً.