الكلام المنظوم المسموع لا بد له من متكلم وهذا الضرب والرمي والطعن لا بد له من ضارب ورام وطاعن.
فهذه القضايا المعينة الجزئية لا يشك فيها أحد من العقلاء، ولا يفتقر في العلم بها إلى دليل، وإن كان ذكر نظائرها حجة لها، وذكر القضية التي تتناولها وغيرها حجة ثانية فيستدل عليها بقياس التمثيل وبقياس الشمول لكن هي في نفسها معلومة للعقلاء بالضرورة، مع قطع نظرهم عن قضية كلية، كما يعلم الإنسان أحوال نفسه المعينة، فإنه يعلم أنه لم يحدث نفسه، وإن لم يستحضر أن كل حادث لا يحدث بنفسه.
ولهذا كانت فطرة الخلق مجبولة على أنهم شاهدوا شيئاً من الحوادث المتجددة، كالرعد والبرق والزلازل ذكروا الله وسبحوه لأنهم يعلمون أن ذلك المتجدد لم يتجدد بنفسه بل له محدث أحدثه وإن كانوا يعلمون هذا في سائر المحدثات لكن ما اعتادوا حدوثه صار مألوفا لهم بخلاف المتجدد الغريب، وإلا فعامة ما يذكرون الله ويسبحونه عنده من الغريب المتجددة قد شهدوا من آيات الله المعتادة ما هو أعظم منه ولو لم يكن إلا خلق الإنسان فإنه من أعظم الآيات، فكل أحد يعلم أنه هو لم