للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحو ذلك، لا يتضمن مجرد الإقرار بالصانع فقط، بل إقراراً يتبعه عبودية لله بالحب والتعظيم وإخلاص الدين له ن وهذا هو الحنيفية.

وأصل الإيمان قول القلب وعمله، أي علمه بالخالق وعبوديته للخالق، والقلب مفطور على هذا وهذا.

وإذا كان بعض الناس قد خرج عن الفطرة بما عرض له من المرض، إما بجهله، وإما بظلمه، فجحد بآيات الله واستيقنتها نفسه ظلماً وعلواً، لم يمتنع أن يكون الخلق ولدوا على الفطرة.

وقد ذكرنا في غير هذا الموضع طائفة من قول من ذكر أن المعرفة ضرورية، والعلم الذي يقترن به حب المعلوم قد يسمى معرفة، كما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمعروف ما تحبه القلوب مع العلم، والمنكر ما تكرهه وتنفر عنه عند العلم به.

فلهذا قد يسمى من كان فيه مع علمه بالله حب لله وإنابة إليه عارفاً، بخلاف العالم الخالي عن حب القلب وتألهه، فإنهم لا يسمونه عارف.

ومن المعلوم أن وجود حب الله وخشيته والرغبة إليه وتألهه في القلب، فرع وجود الإقرار به، وهذا الثاني مستلزم للأول.

فإذا كان هذا يكون ضرورياً في القلب، فوجود الإقرار السابق عليه اللازم له، أولى أن يكون ضرورياً، فإن ثبوت الملزوم لا يكون إلا مع ثبوت اللازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>