الموضع، وهو مما يتبين به اتفاق العقلاء على أن كل ممكن يقبل الوجود والعدم فلا يكون إلا حادثاً كائناً بعد أن لم يكن، وهذا مما يبين أن كل ما سوى الواجب بنفسه فهو محدث، كائن بعد أن لم يكن، وهذا لا يناقض دوام فاعليته.
والمقصود هنا أن نفس الحدوث والإمكان دليل على الافتقار إلى الموثر، وأما كون أحدهما جعل نفس المخلوقات مفتقرة إلى الخالق فهذا خطأ، بل نفس المخلوقات مفتقرة إلى الخالق بذاتها، واحتياجها إلى المؤثر أمر ذاتي لها، لا يحتاج إلى علة، فإنه ليس كل حكم ثبت للذوات يحتاج إلى علة، إذ ذلك يفضي إلى تسلسل العلل.
وهو باطل باتفاق العلماء، بل من الأحكام ما هو لازم للذوات، لا يمكن أن يكون مفارقاً للذوات، ولا يفتقر إلى علة، وكون كل ما سوى الله فقيراً إليه محتاجاً إليه دائماً هو من هذا الباب.
فالفقر والاحتياج أمر لازم ذاتي لكل ما سوى الله، كما أن الغني والصمدية أمر لازم لذات الله، فيمتنع أن يكون سبحانه فقيراً، ويمتنع أن يكون إلا غنياً عن كل ما سواه، ويمتنع فيما سواه أن يكون غنياً عنه