أَوْ رَمَى تُرَابًا فِي أَرْضِهِ أَوْ شَقَّ فِي أَرْضِهِ نَهْرًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَرْتَفِعُ (بِخِلَافِ) الْعَبْدِ (الْكَافِرِ وَالْأَمَةِ) فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا هُوَ حُرٌّ أَوْ مَا هِيَ حُرَّةٌ الْآنَ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَتَكَرَّرُ عَلَى الْأَمَةِ بِالرِّدَّةِ وَاللَّحَاقِ وَالسَّبِيِّ وَعَلَى الْعَبْدِ الْكَافِرِ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَاللَّحَاقِ وَالسَّبِيِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (وَمَنْ وَرِثَ شَيْئًا) مِنْ عَيْنٍ عَلِمَ ذَلِكَ بِعِلْمِ الْقَاضِي أَوْ إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَوْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَادَّعَاهُ آخَرُ) وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَارِثِ (حَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ لَهُ لَا عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَعْلَمُ بِمَا صَنَعَهُ الْمُوَرِّثُ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَارِثُ الدَّيْنِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ وَالْأَوَّلُ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ وَقَاضِي خَانْ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ مِيرَاثًا حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ مِنْ كَوْنِ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَإِنْ شَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَعَلَى الْبَتَاتِ) أَيْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا هُوَ عَبْدُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ التَّحْلِيفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ يَكُونُ عَلَى الْبَتَاتِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْبَتَاتُ الْقَطْعُ وَالتَّحْلِيفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ عَلَى الْعِلْمِ نَفْيٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ شَيْئًا يَتَّصِلُ بِالْحَالِفِ كَمَا إذَا ادَّعَى سَرِقَةَ الْعَبْدِ أَوْ إبَاقَهُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ أَوْ مَا سَرَقَ فِي يَدِي وَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا صَحَّ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ سَالِمًا عَنْ الْعُيُوبِ وَاجِبٌ عَلَى الْبَائِعِ فَالتَّحْلِيفِ يَرْجِعُ عَلَى مَا ضَمِنَ الْبَائِعُ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْبَتَاتِ وَإِذَا ادَّعَى سَبْقَ الشِّرَاءِ يَحْلِفُ خَصْمُهُ عَلَى الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَوْ افْتَدَى الْمُنْكِرُ يَمِينَهُ أَوْ صَالَحَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ (عَلَى شَيْءٍ صَحَّ) الِافْتِدَاءُ وَالصُّلْحُ إنْ رَضِيَ بِهِ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعْطَى شَيْئًا لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَافْتَدَى يَمِينَهُ وَلَمْ يَحْلِفْ إذْ لَوْ حَلَفَ لِوُقُوعٍ عَلَى الْقِيلِ وَالْقَالِ إذْ النَّاسُ بَيْنَ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِذَا افْتَدَى صَانَ عِرْضَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ» بِمَعْنَى ادْفَعُوا وَامْتَنِعُوا (وَلَا يَحْلِفُ بَعْدَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ مِنْهُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ مَالًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ أَسْقَطَهُ أَيْ الْيَمِينَ قَصْدًا بِأَنْ قَالَ بَرِئْت مِنْ الْحَلِفِ أَوْ تَرَكْته عَلَيْهِ أَوْ وَهَبْته لَا يَصِحُّ وَلَهُ التَّحْلِيفُ.
[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]
بَابُ التَّحَالُفِ لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ يَمِينِ الْوَاحِدِ ذَكَرَ حُكْمَ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ إذْ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الْوَاحِدِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute