بِالْوُجُوبِ إنْ حَفَرَ جَمِيعَ الْأَرْضِ وَالْكَرْمِ مُمْكِنٌ فَلَا يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْتِ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ فِي حَفْرِ جَمِيعِهَا تَعَسُّرًا أَوْ حَرَجًا وَهُوَ مَوْضُوعٌ حَتَّى لَوْ كَانَتْ دَارًا عَظِيمَةً فَالْمَدْفُونُ فِيهَا يَكُونُ ضِمَارًا كَمَا فِي تَاجِ الشَّرِيعَةِ.
(وَيُزَكَّى الدَّيْنُ) أَيْ مَا قُبِضَ مِنْ الدَّيْنِ (عِنْدَ قَبْضِهِ فَنَحْوُ بَدَلِ مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَ قَبْضِ أَرْبَعِينَ وَيَدُلُّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ قَبْضِ نِصَابٍ وَبَدَلِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ عِنْدَ قَبْضِ نِصَابٍ وَحَوَلَانِ حَوْلٍ) وَتَوْضِيحُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى تَفْصِيلِ الدُّيُونِ وَبَيَانِ مَرَاتِبِهَا اعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ دَيْنٍ قَوِيٍّ وَدَيْنٍ وَسَطٍ وَدَيْنٍ ضَعِيفٍ فَالدَّيْنُ الْقَوِيُّ هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالُ الزَّكَاةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَكَذَا غَلَّةُ مَالِ التِّجَارَةِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدُّورِ وَنَحْوَهَا وَالْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا كَانَ نِصَابًا وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ لَكِنْ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَكَّى دِرْهَمًا فَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْوَسَطُ فَهُوَ الَّذِي وَجَبَ بَدَلَ مَالٍ لَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ حَوْلًا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ مِثْلُ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَغَلَّةِ مَالِ الْخِدْمَةِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّ عِنْدَ الْإِمَامِ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ: تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ مَا لَمْ يَقْبِضْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا قَبَضَ الْمِائَتَيْنِ يُزَكِّي لِمَا قَبَضَ كَمَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُ وَأَمَّا الدَّيْنُ الضَّعِيفُ فَهُوَ مَا وَجَبَ وَمَلَكَ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ دَيْنٌ إمَّا بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَالْمِيرَاثِ أَوْ بِفِعْلِهِ كَالْوَصِيَّةِ أَوْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ دَيْنًا كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ أَوْ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ لَا تَجِبَ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمِائَتَيْنِ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ (وَقَالَا يُزَكِّي مَا قَبَضَ مِنْهُ مُطْلَقًا إلَّا الدِّيَةَ وَالْأَرْشَ وَبَدَلَ الْكِتَابَةِ فَعِنْدَ قَبْضِ نِصَابٍ وَحَوَلَانِ حَوْلٍ) لِأَنَّ الدُّيُونَ عِنْدَهُمَا عَلَى ضَرْبَيْنِ دُيُونٍ مُطْلَقَةٍ وَدُيُونٍ نَاقِصَةٍ وَالنَّاقِصُ هُوَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَا سِوَاهُمَا فَدُيُونٌ مُطْلَقَةٌ فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ فَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ مَا لَمْ يَقْبِضْ فَإِذَا قَبَضَ مِنْهَا شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ يُؤَدِّي بِقَدْرِ مَا قَبَضَ وَفِي الدَّيْنِ النَّاقِصِ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ النِّصَابَ وَيَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَأَمَّا دَيْنُ السِّعَايَةِ فَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ الِاخْتِلَافُ فَقَالَ عِنْدَ الْإِمَامِ: هُوَ دَيْنٌ ضَعِيفٌ وَعِنْدَهُمَا دَيْنٌ مُطْلَقٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدُّيُونُ كُلُّهَا سَوَاءٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا وَيَجِبُ الْأَدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الدُّيُونِ فَإِنْ كَانَ فَيَضُمُّ مَا قَبَضَهُ إلَى مَا عِنْدَهُ اتِّفَاقًا.
[شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاء الزَّكَاة]
(وَشَرْطُ) صِحَّةِ (أَدَائِهَا) أَيْ كَوْنِهَا مُؤَدَّاةً (نِيَّةٌ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهَا (مُقَارَنَةً لِلْأَدَاءِ) الْمُرَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute