للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخِيَارِ لَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً، إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي مُدَّةٍ وَلَوْ كَانَتْ طَوِيلَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَفِي الْغَرَرِ: اشْهَدَا عَلَى أَلْفٍ فِي مَجْلِسٍ، وَآخَرَانِ فِي آخَرَ، لَزِمَ أَلْفَانِ.

الْأَمْرُ بِكِتَابَةِ الْإِقْرَارِ إقْرَارِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ، قِيلَ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ وَقِيلَ حِصَّتُهُ لَكِنَّ الْفَتْوَى فِي زَمَنِنَا بِالْأَوَّلِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ يُحَلَّفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ: إنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا.

وَفِي الْمِنَحِ: إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ: لَيْسَ هَذَا لِي أَوْ لَيْسَ مِلْكِي، أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ، أَوْ لَيْسَ لِي فِيهِ حَقٌّ، أَوْ مَا كَانَ لِي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ حِينَمَا قَالَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ أَحَدٌ، فَقَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ لِي صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَهَذَا التَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ.

أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِعَيْنٍ لَا يَمْلِكُهُ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ.

طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَطَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ الْمُدَّعَى يَكُونُ إقْرَارًا " أَبْرَأَنِي عَنْ الدَّعْوَى " لَيْسَ بِإِقْرَارٍ " أَبْرَأَنِي عَنْ هَذَا الْمَالِ " إقْرَارٌ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ، فَلْيُطَالَعْ.

[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

ُ لَمَّا ذَكَرَ مُوجَبَ الْإِقْرَارِ بِلَا تَغَيُّرٍ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُوجَبِهِ مَعَ التَّغْيِيرِ، وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فِي كَوْنِهِ مُغَيِّرًا لِلسَّابِقِ كَالشَّرْطِ وَنَحْوِهِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ: تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا بِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرْكِيبِ، وَنَفْيٌ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ هَذَا عِنْدَنَا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَوْ كَانَ إخْرَاجًا لَمَا صَحَّ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ الرُّجُوعَ وَالرَّفْعَ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَشُرِطَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَّا إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ لِضَرُورَةِ نَفَسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ أَخْذِ فَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الِاتِّصَالَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ.

وَالنِّدَاءُ بَيْنَهُمَا لَا يَضُرُّ كَقَوْلِهِ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ - يَا فُلَانُ - إلَّا عَشَرَةً بِخِلَافِ لَك أَلْفٌ - فَاشْهَدُوا - إلَّا كَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعَدُّ فَاصِلًا، فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى مُنْفَصِلًا عَنْ إقْرَارِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَالرُّجُوعُ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ مُطْلَقًا فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ (صَحَّ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَوْ) كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ (مُتَّصِلًا) بِإِقْرَارِهِ (وَلَزِمَهُ بَاقِيهِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَعَ الْجُمْلَةِ أَيْ الصَّدْرِ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَاقِي، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمًا " مَعْنَى قَوْلِهِ " عَلَيَّ تِسْعَةٌ "، سَوَاءٌ اسْتَثْنَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْأَكْثَرِ لِوُرُودِهِمَا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ اسْتِثْنَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>