(شُرِطَ) جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ صِفَةٌ لِفَضْلِ مَالٍ أَيْ شُرِطَ ذَلِكَ الْفَضْلُ (لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) أَيْ الْبَائِعَيْنِ أَوْ الْمُقْرِضَيْنِ أَوْ الرَّاهِنَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا.
وَفِي الْإِصْلَاحِ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْعَاقِدَ قَدْ يَكُونُ وَكِيلًا وَقَدْ يَكُونُ فُضُولِيًّا وَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الْفَضْلِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى لَكِنَّ عَقْدَ الْوَكِيلِ عَقْدٌ لِلْمُوَكِّلِ وَعَقْدُ الْفُضُولِيِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْمَالِكِ فَيَصِيرُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً الْمُوَكِّلَ أَوْ الْمَالِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّبْدِيلِ تَدَبَّرْ (فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ) قَيَّدَ بِهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هِبَةٍ بِعِوَضٍ زَائِدٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ كَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ وَاللِّبْسِ وَأَكْلِ الثَّمَرِ فَإِنَّ الْكُلَّ رِبًا حَرَامٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
[عِلَّة الربا]
(وَعِلَّتُهُ) لِوُجُوبِ الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي يَلْزَمُ عِنْدَ فَوَاتِهَا الرِّبَا وَفِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْعِلَّةُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِلَا وَاسِطَةٍ فَخَرَجَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إلَيْهِ ثُبُوتُهُ وَالسَّبَبُ وَالْعَلَامَةُ وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ لِأَنَّهَا بِالْوَاسِطَةِ (الْقَدْرُ) لُغَةً كَوْنُ شَيْءٍ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَشَرْعًا التَّسَاوِي فِي الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُوجِبِ لِلْمُمَاثَلَةِ الصُّورِيَّةِ وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ (وَالْجِنْسُ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي الْعِوَضَيْنِ فَالْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْوَصْفَيْنِ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا» وَعَدَّ الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالْمِلْحَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ أَيْ بِيعُوا مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَأُعْرِبَ بِإِعْرَابِهِ، وَمِثْلٌ خَبَرُهُ، وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَالْبَيْعُ مُبَاحٌ صُرِفَ الْوُجُوبُ إلَى رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] حَيْثُ صُرِفَ الْإِيجَابُ إلَى الْقَبْضِ فَصَارَ شَرْطًا لِلرَّهْنِ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَالْقَدْرُ يَسْوَى الصُّورَةَ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَالْجِنْسِيَّةُ تَسْوَى الْمَعْنَى فَيَظْهَرُ الْفَضْلُ الَّذِي هُوَ الرِّبَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ»
(فَحَرُمَ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ الْعِلَّةِ الْقَدْرَ وَالْجِنْسَ (بَيْعُ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ) كَبَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مِثْلًا (مُتَفَاضِلًا) لِوُجُودِ الرِّبَا فِي ذَلِكَ (أَوْ نَسِيئَةً) أَيْ بِأَجَلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ شُبْهَةُ الْفَضْلِ إذْ النَّقْدُ خَيْرٌ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (غَيْرَ مَطْعُومٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِلَّةَ الرِّبَا عِنْدَهُ الطُّعْمُ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ وَالْجِنْسِيَّةُ شَرْطٌ لِعَمَلِ الْعِلَّةِ عَمَلَهَا حَتَّى لَا تَعْمَلَ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَهُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ (كَالْجَصِّ) مِنْ الْمَكِيلَاتِ (وَالْحَدِيدِ) مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَالطُّعْمُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا (وَحَلَّ) بَيْعُ ذَلِكَ (مُتَمَاثِلًا بَعْدَ التَّقَابُضِ أَوْ مُتَفَاضِلًا غَيْرَ مُعَيَّرٍ) أَيْ بِغَيْرِ عِيَارٍ (كَحِفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ) لِانْتِفَاءِ جَرَيَانِ الْكَيْلِ وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحِفْنَةِ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لِلشَّرْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute