صَاحِبُ الْبَحْرِ آمِرًا بِحِفْظِهِ.
وَقَالَ زُفَرُ تُعْتَقُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّسَرِّي ذِكْرٌ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّي لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ قُلْنَا الْمِلْكُ يَصِيرُ مَذْكُورًا ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّسَرِّي فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.
(وَفِي كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ عَبِيدُهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُمْ رَقَبَةً وَيَدًا (لَا) يُعْتَقُ (مُكَاتَبُوهُ) وَلَا الْمَمْلُوكُ الْمُشْتَرَكُ لِقُصُورِ مِلْكِهِ (إلَّا إنْ نَوَاهُمْ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْلِيظًا عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَا لَا يُعْتَقُ عَبِيدُ عَبْدِ التَّاجِرِ مُطْلَقًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَتَقُوا مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقُوا إذَا نَوَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُعْتَقُوا وَإِنْ نَوَاهُمْ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَبِهَذَا أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ، وَالْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ سَبْقُ قَلَمٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ تَدَبَّرْ (وَفِي هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَيَيْنِ) ؛ لِأَنَّ أَوْ لِإِثْبَاتِ أَحَدِ الْمَذْكُورِينَ، وَقَدْ أَدْخَلَهَا بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ، ثُمَّ عَطَف الثَّالِثَةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْحُكْمِ فَيَخْتَصُّ بِمَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَهَذِهِ.
(وَكَذَا الْعِتْقُ) أَيْ لَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا، وَهَذَا عَتَقَ الْأَخِيرُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأُولَيَيْنِ كَمَا بَيَّنَّا.
(وَ) كَذَا (الْإِقْرَارُ) بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ كَانَ خَمْسُمِائَةٍ لِلْأَخِيرِ وَخَمْسُمِائَةٍ لِلْأَوَّلِيَّيْنِ يَجْعَلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالُوا هَذَا فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُذْكَرْ لِلثَّانِي خَبَرٌ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ وَهَذِهِ طَالِقَتَانِ لَا تَطْلُقُ، بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]
َ (يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ التَّوْكِيلِ) إذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ (فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ، وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ، وَالْقِسْمَةِ، وَالْخُصُومَةِ) أَيْ جَوَابُ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارًا أَوْ إنْكَارًا وَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُخْتَارِ (وَضَرْبُ الْوَلَدِ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ، ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ فَبَاعَ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ وُجِدَتْ مِنْ الْعَاقِدِ حَتَّى كَانَتْ الْحُقُوقُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْحَالِفُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا هُوَ الشَّرْطُ، وَهُوَ الْعَقْدُ مِنْ الْآمِرِ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَيَّدْنَا بِإِذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ إذَا كَانَ ذَا سُلْطَانٍ كَالْأَمِيرِ، وَالْقَاضِي وَنَحْوِهِمَا لَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ بِالْأَمْرِ أَيْضًا كَمَا يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَمَّا يَعْتَادُهُ وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ مَرَّةً وَيُفَوِّضُ أُخْرَى اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَأَطْلَقَ أَيْضًا فِي الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ عَنْ إقْرَارٍ أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءُ الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِهِ سَفِيرًا مَحْضًا فَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute