للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا إذَا حَلَقَ وَالتَّأْخِيرُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ مُحَمَّدًا فِي هَذَا مَعَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِآخَرَ (وَمَنْ فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ إلَّا التَّقْصِيرَ) بِأَنْ أَحْرَمَ وَطَافَ وَسَعَى وَلَمْ يُقَصِّرْ (فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى لَزِمَهُ دَمٌ) جَبْرٌ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ.

(وَلَوْ أَحْرَمَ آفَاقِيٌّ بِحَجٍّ ثُمَّ) أَحْرَمَ (بِعُمْرَةٍ لَزِمَاهُ) لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَشْرُوعٌ لَلْآفَاقِيِّ كَالْقِرَانِ لَكِنَّهُ أَسَاءَ بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ (فَإِنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) ، أَوْ أَكْثَرِهَا (فَقَدْ رَفَضَهَا) أَيْ الْعُمْرَةَ إذْ بِنَاءُ أَفْعَالِهَا عَلَى أَفْعَالِهِ مَشْرُوعٌ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَصِيرُ رَافِضًا (لَا) أَيْ لَا يَصِيرُ رَافِضًا (لَوْ تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَلَمْ يَقِفْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (بَعْدَ طَوَافِهِ لِلْحَجِّ) طَوَافَ التَّحِيَّةِ (نُدِبَ رَفْضُهَا) لِتَأَكُّدِ إحْرَامِهِ بِطَوَافِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطُفْ (وَيَقْضِيهَا) لِلْحَجِّ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا (وَعَلَيْهِ دَمٌ) ؛ لِرَفْضِهَا (فَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا) أَيْ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ بِأَنْ يُقَدِّمَ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ (صَحَّ وَلَزِمَهُ دَمٌ) لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (وَهُوَ دَمُ جَبْرٍ فِي الصَّحِيحِ) وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَنَّهُ دَمُ شُكْرٍ.

(وَإِنْ أَهَلَّ الْحَاجُّ بِعُمْرَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ، أَوْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَزِمَتْهُ) أَيْ لَزِمَتْ الْعُمْرَةُ الْحَاجَّ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ صَحِيحٌ.

(وَلَزِمَهُ رَفْضُهَا) أَيْ لَزِمَ رَفْضُ الْعُمْرَةِ الْحَاجَّ كَيْ لَا يَبْنِيَ أَفْعَالَهَا عَلَى أَفْعَالِهِ مَعَ كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ.

(وَ) لَزِمَهُ (قَضَاؤُهَا) تَحْصِيلًا لِمَا فَاتَهُ مَعَ صِحَّةِ الشُّرُوعِ.

(وَ) لَزِمَهُ (دَمٌ) لِلرَّفْضِ (فَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا صَحَّ وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ دَمُ كَفَّارَةٍ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ) بِفَوْتِ الْوُقُوفِ (فَأَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ لَزِمَهُ الرَّفْضُ) أَيْ رَفْضُ مَا أَحْرَمَ بِهِ (وَ) لَزِمَهُ (الْقَضَاءُ) لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهِ (وَ) لَزِمَهُ (الدَّمُ) لِرَفْضِهِ بِالتَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ.

[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ]

أَيْ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَالْإِحْصَارُ لُغَةً الْمَنْعُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَشَرْعًا الْمَنْعُ عَنْ الْحَجِّ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَمَا فِي الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ مَنْعُ الْخَوْفِ، أَوْ الْمَرَضِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَصُّ بِهَذَيْنِ تَدَبَّرْ وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَتَحَلَّلَ إلَّا بِذَبْحٍ أَوْ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ (إنْ أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ بِعَدُوٍّ) مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ (أَوْ مَرَضٍ) زَادَ بِالذَّهَابِ، أَوْ الرُّكُوبِ (أَوْ عَدَمِ مَحْرَمٍ) لِمَرْأَةٍ بِأَنْ مَاتَ مَحْرَمُهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا فَوْقَهَا (أَوْ ضَيَاعُ نَفَقَةٍ) .

وَفِي التَّجْنِيسِ إذَا سُرِقَتْ نَفَقَتُهُ وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَإِلَّا فَمُحْصَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا إحْصَارَ إلَّا بِالْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ آيَةَ الْإِحْصَارِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] نَزَلَتْ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَصْحَابِهِ وَكَانُوا مُحْصَرِينَ بِالْعَدُوِّ وَلَنَا أَنَّ الْإِحْصَارَ هُوَ الْمَنْعُ وَالْعِبْرَةُ لِلَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ (فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ شَاةً) ، أَوْ قِيمَتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>