للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالَ يَنْقُضُ) الْمُشْتَرِي (الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَيَرُدُّ) الدَّارَ وَالْغَرْسَ، عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَهُمَا إنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أَضْعَفُ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ حَتَّى يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ وَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ حَقُّ الْبَائِعِ ثُمَّ أَضْعَفُ الْحَقَّيْنِ لَا يَبْطُلُ بِالْبِنَاءِ فَأَقْوَاهُمَا أَوْلَى وَلَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الدَّوَامُ وَقَدْ حَصَلَ بِتَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ حَقِّ الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّسْلِيطُ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِهِبَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعِهِ فَكَذَا بِبِنَائِهِ.

(وَشَكَّ أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَتِهِ لِمُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ لُزُومَ قِيمَتِهَا) أَيْ قِيمَةِ الدَّارِ (وَلَمْ يَشُكَّ مُحَمَّدٌ) فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ لُزُومَ قِيمَتِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَنْكَرَ أَبُو يُوسُفَ رِوَايَتَهَا عَنْ الْإِمَامِ وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ بِالْبِنَاءِ وَثُبُوتُهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ وَقَفَهُ أَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مَا لَمْ يَبْنِ.

وَفِي الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ.

وَأَمَّا إذَا قُضِيَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْفَسَادُ لِلُزُومِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ تَبَعًا لِلْعِمَادِيِّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ الْخَصَّافُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا وَوَقَفَهَا وَقْفًا صَحِيحًا وَجَعَلَ آخِرَهَا لِلْمَسَاكِينِ فَقَالَ الْوَقْفُ فِيهَا جَائِزٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ انْتَهَى.

لَكِنْ قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا فَجَعَلَهُ الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ مَا لَمْ يَبْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ بَنَاهُ بَطَلَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ مَا لَمْ يَبْنِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا إنَّ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَلَى الرِّوَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَمَا قَالَ الْخَصَّافُ عَلَى غَيْرِهَا وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ غَيْرُ صَحِيحٍ تَدَبَّرْ.

قِيلَ لَمَّا كَانَ الْمَكْرُوهُ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ الْفَاسِدِ وَلَكِنَّهُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِهِ أُلْحِقَ بِالْفَاسِدِ وَأَخَّرَهُ عَنْهُ فَقَالَ.

[بَيْع النَّجْش]

(وَكُرِهَ النَّجْشُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِسُكُونِ الْجِيمِ أَيْضًا إنْ زِيدَ الثَّمَنُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا يُرِدْ الشِّرَاءَ لِتَرْغِيبِ غَيْرِهِ وَيَجْرِي فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنَاجَشُوا» أَيْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ الْآخَرُ فِي الثَّمَنِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ.

(وَ) كُرِهَ (السَّوْمُ) أَيْ الِاسْتِشْرَاءُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ (عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) أَيْ اسْتِشْرَاءِ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ (إذَا رَضِيَا) ظَرْفَ السَّوْمِ (بِثَمَنٍ) مَعْلُومٍ وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إلَى الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» وَهُوَ نَفْيٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ فَيُفِيدُ الْمَشْرُوعِيَّةَ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ إذَا رَضِيَا لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ.

(وَ) كُرِهَ (تَلَقِّي الْجَلْبِ) أَيْ اسْتِقْبَالُ مَنْ فِي الْمِصْرِ جَلْبًا بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ السُّكُونِ أَيْ مَجْلُوبًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (الْمُضِرِّ) صِفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>