للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزٍ فِي الْحَيَاةِ لِلشُّيُوعِ وَكَذَا فِي الْمَمَاتِ لَهُ وَفِي التَّنْوِيرِ أَخَذَ عِمَامَةَ الْمَدْيُونِ لِيَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا دَفَعَ ثَوْبَيْنِ فَقَالَ خُذْ أَيَّهمَا شِئْت رَهْنًا بِكَذَا فَأَخَذَهُمَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا رَهْنًا قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا.

[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأَحْكَامِ الرَّاجِعَةِ إلَى نَفْسِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَحْكَامَ الرَّاجِعَةَ إلَى نَائِبِهِمَا وَهُوَ الْعَدْلُ لَمَّا أَنَّ حُكْمَ النَّائِبِ أَبَدًا يَقْفُو حُكْمَ الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ هَهُنَا مَنْ رَضِيَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِوَضْعِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ وَزَادَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُعْتَبَرَاتِ قَيْدًا آخَرَ حَيْثُ قَالَ وَرَضِيَا بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَرِضَاهُمَا بِبَيْعِهِ الرَّهْنَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ.

وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْكَافِي لَيْسَ لِلْعَدْلِ بَيْعُ الرَّهْنِ مَا لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فَحَسْبُ.

(وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (عَلَى وَضْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ عَدْلٍ صَحَّ) وَضْعُهُمَا (وَيُتِمُّ) الرَّهْنُ (بِقَبْضِ الْعَدْلِ) هَذَا عِنْدَنَا.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَدْلَ يَمْلِكُهُ عِنْدَ الضَّمَانِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْعَدِمُ الْقَبْضُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قُلْنَا يَدُهُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ فَيَصِحُّ وَالْمَضْمُونُ هُوَ الْمَالِيَّةُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَخْصَيْنِ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الرَّهْنِ (مِنْهُ) مِنْ الْعَدْلِ (بِلَا رِضَى الْآخَرِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ حِفْظًا وَاسْتِيفَاءً فَلَا يُبْطِلُ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّ الْآخَرِ (وَيَضْمَنُ) الْعَدْلُ قِيمَةَ الرَّهْنِ (بِدَفْعِهِ إلَى أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ مُودِعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَمُودِعُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ وَالْمُودَعُ إذَا دَفَعَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُ وَلِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ يَدْفَعُ مِلْكَ الْغَيْرِ إلَى الرَّاهِنِ تَبْطُلُ الْيَدُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَذَلِكَ تَعَدٍّ (وَهَلَاكُهُ) أَيْ الرَّهْنِ (فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْعَدْلِ (عَلَى الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّ يَدَهُ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَالِيَّةُ هِيَ الْمَضْمُونَةُ.

(فَإِنْ وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الْعَدْلِ وَالْمُرْتَهِنِ (بِبَيْعِهِ) أَيْ بِبَيْعِ الرَّهْنِ (عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ) صَحَّ التَّوْكِيلُ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُهُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَيْعِ مَالِهِ مُعَلَّقًا وَمُنْجَزًا فَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِهِ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ فَبَاعَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ أَمْرَهُ وَقَعَ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ وَقْتَ الْأَمْرِ فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا وَقَالَا يَصِحُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الِامْتِثَالِ.

(فَإِنْ شُرِطَتْ) الْوَكَالَةُ (فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ) الْوَكِيلُ (بِالْعَزْلِ) أَيْ عَزْلِ الرَّاهِنِ بِدُونِ رِضَى الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْمَرْهُونِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَوْ وُكِّلَ بَعْدَ الرَّهْنِ انْعَزَلَ بِالْعَزْلِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الصَّحِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>