[بَابٌ حَدُّ الْقَذْفِ]
ِ وَالْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ مُطْلَقًا وَفِي الِاصْطِلَاحِ نِسْبَةُ مَنْ أُحْصِنَ إلَى الزِّنَاءِ صَرِيحًا، أَوْ دَلَالَةً، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّافِعِيَّةُ مَا كَانَ فِي خَلْوَةٍ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْعَارِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لُحُوقُ الْعَارِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ (هُوَ) أَيْ: حَدُّ الْقَذْفِ (كَحَدِّ الشُّرْبِ كَمِّيَّةً) أَيْ: عَدَدًا، وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ (وَثُبُوتًا) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ بِشَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْقَاذِفِ مَرَّةً لَا النِّسَاءِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَيَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي عَنْ الْقَذْفِ مَا هُوَ، وَعَنْ خُصُوصِ مَا قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى اللُّغَةِ الَّتِي وَقَعَ الْقَذْفُ بِهَا وَعَلَى زَمَانِ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَحَبَسَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي عَنْ مَجْلِسِهِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِزِنًى مُتَقَادِمٍ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَى.
(فَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةً بِصَرِيحِ الزِّنَى) احْتِرَازٌ عَمَّا يَكُونُ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مُحْصَنٍ يَا زَانٍ فَقَالَ الْآخَرُ صَدَقْت لَا يُحَدُّ الْمُصَدِّقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هُوَ كَمَا قُلْت، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّك زَانٍ فَقَالَ آخَرُ وَأَنَا أَشْهَدُ لَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ بِبَعِيرٍ، أَوْ بِثَوْرٍ، أَوْ بِحِمَارٍ، أَوْ بِفَرَسٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَنَيْت بِبَقَرَةٍ، أَوْ بِشَاةٍ أَوْ بِثَوْبٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ.
(حُدَّ) الْقَاذِفُ (بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ) الْمُحْصَنِ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَاشْتُرِطَ طَلَبُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ دَفْعُ الْعَارِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْقَاذِفِ حَالَ الْقَذْفِ كَمَا فِي الدُّرَرِ (مُتَفَرِّقًا) لِمَا مَرَّ (وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْقَاذِفِ (غَيْرُ الْفَرْوِ، وَالْحَشْوِ) أَيْ يُجَرَّدُ كَمَا يُجَرَّدُ فِي حَدِّ الزَّانِي؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ فَلَا يُقَامُ عَلَى الشِّدَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ، وَالْحَشْوُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ إيصَالَ الْأَلَمِ (وَإِحْصَانُهُ) أَيْ: الْمَقْذُوفِ (كَوْنُهُ مُكَلَّفًا) أَيْ: عَاقِلًا بَالِغًا فَخَرَجَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَلْحَقُهُمَا الْعَارُ (حُرًّا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute