وَجْهُ الْبَدَلِ وَالْوَثِيقَةِ فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ شَرِيكِهِ وَيَضْمَنُ بِالتَّعَدِّي كَمَا يَضْمَنُ الشَّرِيكُ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ إذَا مَاتَ مُجْهَلًا غَلَطٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
[شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]
(وَشَرِكَةِ الصَّنَائِعِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَشَرِكَةِ الْعِنَانِ وَهِيَ جَمْعُ الصَّنِيعَةِ كَالصَّحَائِفِ وَالصَّحِيفَةِ أَوْ جَمْعُ صِنَاعَةٍ كَرَسَائِلَ وَرِسَالَةٍ فَإِنَّ الصِّنَاعَةَ كَالصَّنِيعَةِ حِرْفَةُ الصَّانِعِ وَعَمَلُهُ وَلِذَا يُقَالُ شَرِكَةُ الْمُحْتَرِفَةِ.
(وَ) شَرِكَةُ (التَّقَبُّلِ) مِنْ قَبُولِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ وَإِلْقَائِهِ عَلَى صَاحِبِهِ (وَهِيَ) أَيْ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ وَالتَّقَبُّلِ (أَنْ يَشْتَرِك خَيَّاطَانِ أَوْ صَبَّاغٌ وَخَيَّاطٌ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ) أَيْ مَحَلَّهَا فَإِنَّ الْعَمَلَ عَرْضٌ لَا يَقْبَلُ الْقَبُولَ (وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زُفَرَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ تَبْتَنِي عَلَى الشَّرِكَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِمَا وَلَا مَالَ لَهُمَا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ التَّمْيِيزُ بِدُونِ الْأَصْلِ وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ تَحْصِيلُ الْمَالِ بِالتَّوْكِيلِ وَهَذَا مِمَّا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ فَيَجُوزُ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اتِّحَادَ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَزُفَرَ فِيهِمَا لِعَجْزِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الصَّنْعَةِ الَّتِي يَتَقَبَّلُهَا شَرِيكُهُ وَلَنَا أَنَّ صِحَّةَ هَذِهِ الشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ الْوَكَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ بِتَقَبُّلِ الْعَمَلِ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ لَيْسَ بِلَازِمٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ بِأُجْرَةٍ.
(وَلَوْ شَرَطَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحَ أَثْلَاثًا جَازَ) لِأَنَّ الْأَجْرَ بَدَلُ عَمَلَيْهِمَا وَأَنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ عَمَلًا وَأَحْسَنَ صِنَاعَةً فَيَجُوزُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ الْعَمَلِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوُجُوهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute