إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا وَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ أَوْ لِعُذْرٍ مَا وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوصِ (فَلَا لُزُومَ) لِلْوَرَثَةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَإِنْ تَبَرَّعَ) الْوَلِيُّ (بِهِ) أَيْ بِالْإِطْعَامِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ (صَحَّ) وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ (وَالصَّلَاةُ) الْمَكْتُوبَةُ أَوْ الْوَاجِبَةُ كَالْوِتْرِ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا الْوِتْرُ مِثْلُ السُّنَنِ لَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (كَالصَّوْمِ، وَفِدْيَةُ كُلِّ صَلَاةٍ كَصَوْمِ يَوْمٍ) أَيْ كَفِدْيَتِهِ.
(وَهُوَ الصَّحِيحُ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ: فِدْيَةُ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَصَوْمِ يَوْمِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَوْ لَا بِلَا قَيْدِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ رَجَعَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْفِدَاءُ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبَلْخِيُّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَرَّطَ بِأَدَائِهَا بِإِطَاعَةِ النَّفْسِ وَخِدَاعِ الشَّيْطَانِ ثُمَّ نَدِمَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَأَوْصَى بِالْفِدَاءِ لَمْ يُجْزِئْ لَكِنْ فِي الْمُسْتَصْفَى دَلَالَةٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوصِ بِفِدَائِهِمَا وَتَبَرَّعَ وَارِثُهُ جَازَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْدِيَ قَبْلَ الدَّفْنِ وَإِنْ جَازَ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَا يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَلَا يُصَلِّي) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ» خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
[قَضَاءُ رَمَضَانَ]
(وَقَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَهُ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ (وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ) وَهُوَ أَفْضَلُ مُسَارَعَةً إلَى إسْقَاطِ الْوَاجِبِ قَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَوْعًا ثَمَانِيَةٌ مِنْهَا مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مُتَتَابِعَةٌ وَهِيَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا صَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَابَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ وَهِيَ قَضَاءُ صَوْمِ رَمَضَانَ وَصَوْمِ الْمُتْعَةِ وَصَوْمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَصَوْمِ كَفَّارَةِ الْحَلِفِ، وَسِتَّةٌ مَذْكُورَةٌ فِي السُّنَّةِ وَهِيَ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَمْدًا وَصَوْمُ النَّذْرِ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ وَالصَّوْمُ الْوَاجِبُ بِالْيَمِينِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَ مِنْ شَهْرٍ وَصَوْمُ اعْتِكَافٍ وَصَوْمُ قَضَاءِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ الْإِفْسَادِ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ خَالَفَ الشَّافِعِيُّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا قَالَ إنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ بِمُتَتَابِعٍ وَالثَّانِي قَالَ إنَّ صَوْمَ الِاعْتِكَافِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالثَّالِثِ قَالَ لَا يَجِبُ قَضَاءُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ الْقَضَاءَ (حَتَّى جَاءَ) رَمَضَانُ (آخَرُ قَدَّمَ الْأَدَاءَ) عَلَى الْقَضَاءِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهُ (ثُمَّ قَضَى وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى التَّرَاخِي وَلِهَذَا جَازَ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ إنْ أَخَّرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
(وَالشَّيْخُ) مَنْ جَاوَزَ عُمُرُهُ خَمْسِينَ (الْفَانِي) سُمِّيَ بِهِ لِفَنَاءِ قُوَاهُ أَوْ لِلْقُرْبِ مِنْهُ، أَوْ فِي الزِّيَادَاتِ الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي يَعْجِزُ عَنْ الْأَدَاءِ فِي الْحَالِ وَيَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ عَجْزُهُ إلَى أَنْ يَكُونَ مَآلُهُ الْمَوْتَ بِسَبَبِ الْهَرَمِ وَكَذَا الْعَجُوزُ (إذَا عَجَزَ عَنْ) أَدَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute