انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْكَنْزِ مُوَافِقَةٌ لِلْحَدِيثِ، وَالْمُوَافِقَةُ أَوْلَى فَلِهَذَا اخْتَارَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِمَامُ أَنَّ فِي خَلْفِهِ قَارِئًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَقَالَا: صَلَاةُ الْقَارِئِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ الْأُمِّيَّ مَعْذُورٌ مِثْلُ الْإِمَامِ كَمَا إذَا أَمَّ الْعَارِي عَارِيًّا وَكَاسِيًا وَالْجَرِيحُ جَرِيحًا وَصَحِيحًا وَلَهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْقَارِئِ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي الْأُمِّيُّ وَحْدَهُ، وَالْقَارِئُ وَحْدَهُ جَازَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ أُمِّيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ، وَصَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ انْتَهَى فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ الْقَارِئُ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ) بَعْدَ مَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ (فَسَدَتْ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ فَلَا يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَلَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَفْسُدُ لِتَأَدِّي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ هَذَا إذَا قَدَّمَهُ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْغَايَةِ.
[بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ السَّالِمَةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْعَوَارِضِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا (مَنْ سَبَقَهُ) أَيْ عَرَضَ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ (حَدَثٌ) غَيْرُ مَانِعٍ لِلْبِنَاءِ كَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا (فِي الصَّلَاةِ تَوَضَّأَ) بِلَا مُكْثٍ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِلَا مُكْثٍ لِأَنَّ جَوَازَ الْبِنَاءِ شَرْطُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ حَدَثٍ أَوْ مَكَثَ مَكَانَهُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي رُكْنًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ لَيْسَ بِإِطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ بِالنَّوْمِ وَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَبْنِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَبَنَى) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ بَلْ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُنَافِي الصَّلَاةَ إذْ لَا وُجُودَ لِلشَّيْءِ مَعَ مُنَافِيه وَهُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ تَرَكْنَاهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمَذَى فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» (وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ) تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ وَقِيلَ إنَّ الْمُنْفَرِدَ يَسْتَأْنِفُ وَالْإِمَامَ وَالْمُقْتَدِيَ يَبْنِيَانِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُحْدِثُ (إمَامًا جَرَّ) بِأَخْذِ الثَّوْبِ أَوْ الْإِشَارَةِ (آخَرَ) مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، وَالْمُدْرِكُ أَوْلَى مِنْ اللَّاحِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute