قِيَاسًا لِلثَّانِي لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا فِي الْكُلِّ فَكَذَا الْمُقْتَدِي وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْحَدَثَ مُفْسِدٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيه مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَفْسُدُ مِثْلُهُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبِنَاءِ وَالْمَسْبُوقَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ بِخِلَافِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ، وَلِهَذَا لَا يَخْرُجُ الْمُقْتَدِي مِنْهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِهِ فَيُسَلِّمُ وَيَخْرُجُ بِحَدَثِهِ عَمْدًا فَلَا يُسَلِّمُ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَخْذًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ.
(وَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَعَادَهُمَا) بَعْدَ التَّوَضُّؤِ (حَتْمًا) إنْ بَنَى لِأَنَّ تَمَامَ الرُّكْنِ بِالِانْتِقَالِ وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَتَحَقَّقُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ.
(وَمَنْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً) نَسِيَهَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ (فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَسَجَدَهَا) أَيْ قَضَاهَا فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (نُدِبَ إعَادَتُهُمَا) لِتَقَعَ الْأَفْعَالُ مُرَتَّبَةً بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَوْمَةَ الَّتِي بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عِنْدَهُ فَرْضٌ.
(وَمَنْ أَمَّ فَرْدًا فَأَحْدَثَ فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ رَجُلًا) صَالِحًا لِلِاسْتِخْلَافِ (تَعَيَّنَ لِلِاسْتِخْلَافِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ الصَّلَاةِ إذْ خُلُوُّ مَكَانِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْإِمَامِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي، حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ لِقَطْعِ الْمُزَاحَمَةِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْقَوْمِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِلِاسْتِخْلَافِ بِلَا مُزَاحِمٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِخْلَافِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ الْمَأْمُومُ لِلْإِمَامَةِ مِثْلُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى (فَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ) ذَلِكَ الْفَرْدُ (فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمَا) وَجْهُ فَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ اسْتِخْلَافُهُ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَعِلَّةُ فَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ خُلُوُّ مَكَانِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْإِمَامِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ) أَيْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فَقَطْ (دُونَ) صَلَاةِ (الْإِمَامِ) لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْخُرُوجِ عَنْ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْحَدَثِ وَالْمُقْتَدِي يَكُونُ مُقْتَدِيًا بِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ.
(وَلَوْ حُصِرَ) الْإِمَامُ (عَنْ الْقِرَاءَةِ جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ، أَمَّا إذَا قَرَأَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ إجْمَاعًا.
[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعَوَارِضِ الْجَبْرِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِالسَّمَاوِيَّةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَوَارِضِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْمُسَمَّاة بِالْكَسْبِيَّةِ وَقَدَّمَ السَّمَاوِيَّةَ لِأَصَالَتِهَا (يُفْسِدُهَا الْكَلَامُ وَلَوْ سَهْوًا) وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ سَهْوًا مَعَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ دَاخِلَانِ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا شَرْعًا كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ (أَوْ فِي نَوْمٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute