أَيْ دَيْنُ الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ (فَالْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الْمُوَكِّلِ لَا غَيْرَ.
[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]
ِ أَفْرَدَهُمَا بِبَابٍ عَلَى حِدَةٍ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمَا وَقَدَّمَ الشِّرَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ إثْبَاتِ الْمِلْكِ، وَالْبَيْعُ يُنْبِئُ عَنْ إزَالَتِهِ وَالْإِزَالَةُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ (لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ يَشْمَلُ أَجْنَاسًا كَالرَّقِيقِ وَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ) لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ فَإِنَّ الدَّابَّةَ اسْمٌ لِمَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لُغَةً وَعُرْفًا لِلْخَيْلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَقَدْ جَمَعَ أَجْنَاسًا وَكَذَا الثَّوْبُ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَلْبُوسَ مِنْ الْأَطْلَسِ إلَى الْكِسَاءِ؛ وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا وَكَذَا الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي بَنِي آدَمَ وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (أَوْ) بِشِرَاءِ شَيْءٍ يَشْمَلُ (مَا هُوَ كَالْأَجْنَاسِ كَالدَّارِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (بَيْنَ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِامْتِثَالُ لِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُوجَدُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَلَا يَدْرِي مُرَادَ الْآمِرِ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْجِنْسِ مَا يَشْمَلُ أَصْنَافًا وَبِالنَّوْعِ الصِّنْفُ لَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَنْطِقِ (فَإِنْ سَمَّى نَوْعَ الثَّوْبِ كَالْهَرَوِيِّ) مَثَلًا (جَازَ وَكَذَا إنْ سَمَّى نَوْعَ الدَّابَّةِ كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ) جَازَ سَوَاءٌ ثَمَنًا، أَوْ لَا بِالْإِجْمَاعِ (أَوْ بَيْنَ ثَمَنِ الدَّارِ، أَوْ الْمَحَلَّةِ) يَعْنِي إنْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ دَارٍ وَبَيَّنَ ثَمَنَهَا وَمَحَلَّتَهَا جَازَ وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَقَدْ جَعَلَ صَاحِبُ الْكَنْزِ الدَّارَ كَالْعَبْدِ مُوَافِقًا لِقَاضِي خَانْ لَكِنْ شَرَطَ مَعَ بَيَانِ الثَّمَنِ بَيَانَ الْمَحَلَّةِ وَجَعَلَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ كَالثَّوْبِ فَقَالَ وَكَذَا الدَّارُ تَشْمَلُ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الْأَجْنَاسِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْجِيرَانِ وَالْمَرَافِقِ وَالْحِمَالِ وَالْبُلْدَانِ فَتَعَذَّرَ الِامْتِثَالُ وَإِنْ سُمِّيَ ثَمَنُ الدَّارِ وَوُصِفَ جِنْسُ الدَّارِ وَالثَّوْبِ جَازَ مَعْنَاهُ نَوْعُهُ انْتَهَى.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَالدَّارُ مُلْحَقَةٌ بِالْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بِقِلَّةِ الْمَرَافِقِ وَكَثْرَتِهَا فَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ أُلْحِقَتْ بِجَهَالَةِ النَّوْعِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أُلْحِقَتْ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ وَالْمُتَأَخِّرُونَ قَالُوا فِي دِيَارِنَا لَا يَجُوزُ بِدُونِ بَيَانِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ قَالَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا فِي دِيَارِنَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِبَيَانِ الْمَحَالِّ انْتَهَى.
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ اخْتِلَافًا فَاحِشًا وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَا تَتَفَاحَشُ انْتَهَى.
وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ قَوْلَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الدَّارِ وَلِهَذَا عَطَفَ بِأَوْ فَقَالَ: أَوْ بَيْنَ ثَمَنِ الدَّارِ وَالْمَحَلَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَهَالَةَ الدَّارِ جَهَالَةُ الْجِنْسِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَهَالَةُ النَّوْعِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلْيُحْمَلْ عِبَارَةُ كُلٍّ مِنْ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ تَتَبَّعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute