كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّتَابُعِ وَعَدَمِهِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَعَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَدْرَ مَا يُشْتَرَطُ بِهِ طَعَامُ الْعَشَرَةِ لَا يَصُومُ وَعَنْ ابْنِ الْمُقَاتِلِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ الطَّعَامُ وَقُوتُ يَوْمَيْنِ لَا يَصُومُ وَفِي الْأَصْلِ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَعَ الدَّيْنِ صَامَ بَعْدَ قَضَائِهِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ بَذَلَ ابْنُ الْمُعْسِرِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِيُكَفِّرَ بِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْقُدْرَةُ بِالْإِجْمَاعِ (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَصِحُّ (التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ) سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَالِ أَوْ بِالصَّوْمِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِيهَا بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا بَعْدَ سَبَبٍ وَهُوَ الْيَمِينُ فَأَشْبَهَ التَّكْفِيرَ بَعْدَ الْجُرْحِ، وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لِسَتْرِ الْجِنَايَةِ وَلَا جِنَايَةَ وَالْيَمِينُ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ غَيْرُ مُفْضٍ بِخِلَافِ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّهُ مُفْضٍ، ثُمَّ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْ الْمِسْكِينِ لِوُقُوعِهِ صَدَقَةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ وَهِيَ مُهِمَّةٌ، قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَلْزَمُهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ، وَيَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ بِتَعَدُّدِ الِاسْمِ لَكِنْ بِشَرْطِ تَخَلُّلِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(وَلَا كَفَّارَةَ فِي حَلِفِ كَافِرٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى.
(وَإِنْ) : وَصْلِيَّةٌ (حَنِثَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعَ الْكُفْرِ لَا يَكُونُ تَعْظِيمًا، وَأَمَّا تَحْلِيفُهُ الْقَاضِي فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا رَجَاءُ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِهِ تَعَظُّمَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ (وَلَا تَصِحُّ يَمِينُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّتِهِمَا (وَالنَّائِمِ) لِانْعِدَامِ الِاخْتِيَارِ فِيهِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ.
[فَصْلٌ حُرُوفُ الْقَسَمِ]
فَصَلِّ (وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) الْأُولَى حُرُوفُ الْقَسَمِ بِدُونِ الْوَاوِ (الْوَاوُ) وَهِيَ بَدَلٌ عَنْ الْبَاءِ تَدْخُلُ عَلَى الْمُظْهَرِ لَا الْمُضْمَرِ فَلَا يُقَالُ وك وهـ وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا فَلَا يُقَالُ احْلِفْ وَاَللَّهِ (وَالْبَاءُ) وَهِيَ الْأَصْلُ فِيهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ نَحْوُ أَفْعَلُ بِهِ أَوْ بِك إذَا تَعَيَّنَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ فِيهَا نَحْوُ حَلَفْت بِاَللَّهِ فَعَلَى هَذَا الْأَنْسَبُ تَقْدِيمُ الْبَاءِ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْوَاوَ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ اسْتِعْمَالًا عِنْدَ الْعَرَبِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَسَمَ حَلَفْتُ وَالْبَاءُ لِلصِّلَةِ (وَالتَّاءُ) وَهِيَ بَدَلٌ عَنْ الْوَاوِ وَلَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى لَفْظَةِ اللَّهِ خَاصَّةً نَحْوُ تَاللَّهِ وَلَا تَقُولُ تَالرَّحْمَنِ تَالرَّحِيمِ وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا وَلِلْقَسَمِ حُرُوفٌ أُخَرُ وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ وَحُرُوفُ التَّنْبِيهِ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَقَطْعُ أَلِفِ الْوَصْلِ وَالْمِيمُ الْمَكْسُورَةُ وَالْمَضْمُومَةُ فِي الْقَسَمِ وَمِنْ، كَقَوْلِهِ لِلَّهِ وَهَا اللَّهِ وَاَللَّهِ وَمَاللَّهِ وَمِنْ اللَّهِ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَيَدْخُلُهُمَا مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَرُبَّمَا جَاءَتْ الْبَاءُ لِغَيْرِ التَّعَجُّبِ دُونَ اللَّازِمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَقَدْ تُضْمَرُ) حُرُوفُ الْقَسَمِ فَيَكُونُ حَلِفًا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إيجَازًا (كَاَللَّهِ أَفْعَلُهُ) أَيْ لَا أَفْعَلُهُ وَإِلَّا يَلْزَمْ أَنْ يَقُولَ لَأَفْعَلَنهُ فَتَكُونَ كَلِمَةُ لَا مُضْمَرَةً فِيهِ؛ لِأَنَّ نُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute