غَيْرَ مَحْمُودَةٍ فِي الطَّعَامِ.
(وَإِذَا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ حَالُ الْمُحْتَكِرِ أَمَرَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمُحْتَكَرَ (بِبَيْعِ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَدَوَابِّهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمُحْتَكِرُ عَنْ الْبَيْعِ حَبَسَهُ الْقَاضِي وَعَزَّرَهُ وَ (بَاعَ عَلَيْهِ) وَقِيلَ لَا يَبِيعُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُ وَقِيلَ يَبِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ فَلِذَا أَتَى بِصُورَةٍ الِاتِّفَاقِ.
(وَلَا احْتِكَارَ فِي غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ (وَلَا فِيمَا جَلَبَهُ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ أَهْلِ بَلَدٍ بِطَعَامِ بَلَدٍ آخَرَ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُكْرَهُ) أَنْ يَحْبِسَ مَا جَلَبَهُ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» .
(وَكَذَا) يُكْرَهُ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ يَجْلِبُ مِنْهُ إلَى الْمِصْرِ عَادَةً) فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ فِنَاءِ الْمِصْرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَمْلِ مِنْهُ إلَى الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (الْمُخْتَارُ) هَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَخَذَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ كِتَابِهِ مِنْهَا كَمَا فِي الْفَرَائِدِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَصِيرِ) أَيْ عَصِيرِ الْعِنَبِ (مِمَّنْ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَتَّخِذُهُ خَمْرًا) ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِ الْعَصِيرِ بَلْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ فَصَارَ عِنْدَ الْعَقْدِ كَسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَقُومُ بِعَيْنِهِ.
(وَلَوْ بَاعَ مُسْلِمٌ خَمْرًا وَأَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا كُرِهَ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُهُ) يَعْنِي كَانَ لِمُسْلِمٍ دَيْنٌ عَلَى مُسْلِمٍ فَبَاعَ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْرًا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَقَضَى بِهِ الدَّيْنَ لَا يَحِلُّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْخَمْرِ بِدَيْنِهِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ ذِمِّيًّا لَا يُكْرَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَبَقِيَ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَحِلُّ أَخْذُهُ.
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّ الْكَافِرِ فَيَمْلِكُهُ الْبَائِعُ فَيَحِلُّ الْأَخْذُ مِنْهُ.
[حُكْم التَّسْعِير]
(وَيُكْرَهُ التَّسْعِيرُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُسَعِّرُوا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ» وَلِأَنَّ الثَّمَنَ حَقُّ الْعَاقِدِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَغَرَّضَ لِحَقِّهِ (إلَّا إذَا تَعَدَّى أَرْبَابُ الطَّعَامِ فِي الْقِيمَةِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا) كَالضَّعْفِ وَعَجْزِ الْحَاكِمِ عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِهِمْ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ (فَلَا بَأْسَ) حِينَئِذٍ (بِهِ) أَيْ بِالتَّسْعِيرِ (بِمَشُورَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصَارَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ صِيَانَةَ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ