عَلَى مِلْكِهِ وَلَكِنْ يَأْثَمُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا بِالذَّبْحِ فَيَقَعُ الذَّبْحُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ الذَّبْحِ فَكَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَارِدَةً عَلَى غَيْرِ الْمِلْكِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا بِمُقَدَّمَاتِ الذَّبْحِ كَالْإِضْجَاعِ وَشَدِّ الرِّجْلِ فَيَكُونُ غَاصِبًا قَبْلَ الذَّبْحِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ حَقِيقَةُ الْغَصْبِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَغَايَةُ مَا يُوجَدُ فِي الْإِضْجَاعِ وَشَدِّ الرِّجْلِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالذَّبْحِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ انْتَهَى لَكِنَّ الظَّاهِرَ تَحَقُّقُ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِالْإِضْجَاعِ وَشَدُّ الرِّجْلِ لِلذَّبْحِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَلَا مِنْ شَاءِ الْمُودِعِ تَأَمَّلْ.
[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]
ِ أَوْرَدَ الْكَرَاهِيَةَ بَعْدَ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ عَامَّةَ مَسَائِلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ تُرَدُّ فِيهِ إلَى الْكَرَاهِيَةِ أَلَا يُرَى أَنَّ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ لَيَالِيِ أَيَّامِ النَّحْرِ وَفِي التَّصَرُّفِ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِجَزِّ الصُّوفِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَفِي إقَامَةِ غَيْرِهِ مُقَامَهُ كَيْفَ تَحَقَّقَتْ الْكَرَاهَةُ فَنَاسَبَ ذِكْرُ الْكَرَاهِيَةِ بَعْدَهَا وَهِيَ ضِدُّ الْإِرَادَةِ وَالرِّضَا فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا لَقَّبَهُ بِهَا وَفِيهِ غَيْرُ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمَكْرُوهِ أَهَمُّ لِوُجُودِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَلَقَّبَهُ الْقُدُورِيُّ بِالْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَهُوَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ الْإِطْلَاقُ وَفِيهِ بَيَانُ مَا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ وَمَا مَنَعَهُ وَلَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ بِالِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيَانَ مَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ وَقَبَّحَهُ وَبَعْضُهُمْ بِكِتَابِ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِهِ أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ وَالزُّهْدُ وَالْوَرَعُ تَرَكَهَا.
وَفِي الشَّرْعِ (الْمَكْرُوهُ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ (إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ وَتَغْلِيبِ جَانِبِ الْحُرْمَةِ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَتَكَلَّمُوا فِي الْمَكْرُوهِ وَالصَّحِيحِ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كُلُّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ) مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ (وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ) أَيْ لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ فِي كُتُبِهِ (لِعَدَمِ) الدَّلِيلِ (الْقَاطِعِ) بَلْ كَتَبَ بِالْكَرَاهَةِ فَتَرْكُهُ وَاجِبٌ كَمَا فِي الْحَرَامِ فَالْحَرَامُ مَا مُنِعَ عَنْهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَتَرْكُهُ فَرْضٌ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَكْرُوهُ مَا مُنِعَ بِظَنِّيٍّ وَتَرْكُهُ وَاجِبٌ كَأَكْلِ الضَّبِّ فَنِسْبَةُ الْمَكْرُوهِ إلَى الْحَرَامِ كَنِسْبَةِ الْوَاجِبِ إلَى الْفَرْضِ قَالَ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ فِي بَحْثِ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ طَلَبًا لِفِعْلِ يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ فَوُجُوبٌ أَوْ لِفِعْلٍ يَنْتَهِضُ فِعْلُهُ خَاصَّةً لِلثَّوَابِ فَنُدِبَ وَخَاصَّةً يُفِيدُ أَنَّ التَّرْكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ لِتَرْكٍ يَصِيرُ فِعْلُهُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ فَتَحْرِيمٌ أَوْ لِتَرْكٍ يَصِيرُ تَرْكُهُ خَاصَّةً لِلثَّوَابِ فَكَرَاهَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبًا فَإِنْ كَانَ تَخْيِيرًا فَإِبَاحَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute