فَلَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(بِخِلَافِ تَعْزِيرِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ) فَإِنَّهَا لَوْ مَاتَتْ مِنْ ضَرْبِهَا لَا يُهْدَرُ دَمُهَا، بَلْ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ تَأْدِيبَهُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُبَاحٌ تَرْجِعُ مَنْفَعَتُهُ إلَيْهِ لَا إلَيْهَا فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، وَكَذَا لَوْ أَدَّبَ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ فَمَاتَ يَضْمَنُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ، وَالْمُعَلِّمُ فِي التَّعْزِيرِ وَلَا الْأَبُ فِي التَّأْدِيبِ وَلَا الْجَدُّ وَلَا الْوَصِيُّ إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا وَإِلَّا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ.
[كِتَابُ السَّرِقَةِ]
ِ لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ الزَّوَاجِرِ الرَّاجِعَةِ إلَى صِيَانَةِ النُّفُوسِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَاتِّصَالًا بِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمَزْجَرَةِ الرَّاجِعَةِ إلَى صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَأَخَّرَهَا لِكَوْنِ النَّفْسِ أَصْلًا، وَالْمَالِ تَابِعًا (هِيَ) أَيْ السَّرِقَةُ فِي اللُّغَةِ أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
وَفِي الشَّرْعِيَّةِ هِيَ نَوْعَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا يَكُونُ ضَرَرُهَا بِذِي الْمَالِ، أَوْ بِهِ وَبِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَالْأَوَّلُ يُسَمَّى بِالسَّرِقَةِ الصُّغْرَى، وَالثَّانِي بِالْكُبْرَى بَيَّنَ حُكْمَهَا فِي الْآخِرِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ وُقُوعًا وَاشْتِرَاكًا فِي التَّعْرِيفِ وَأَكْثَرُ الشُّرُوطِ فَعَرَّفَهُمَا فَقَالَ (أَخْذُ مُكَلَّفٍ) بِطَرِيقِ الظُّلْمِ فَلَا يُقْطَعُ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَلَا غَيْرُهُمَا إذَا كَانَ مَعَهُ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ الْغَيْرَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ الْغَيْرُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (خُفْيَةً) شُرِطَ فِي السَّرِقَةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً إذَا كَانَ الْأَخْذُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فِيهِ وَابْتِدَاءً إذَا كَانَ لَيْلًا كَمَا إذَا نَقَبَ الْجِدَارَ سِرًّا وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَكْتَفِ بِالْخُفْيَةِ فِيهِ ابْتِدَاءً لَامْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي أَكْثَرِ السُّرَّاقِ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ خُفْيَةً عَلَى زَعْمِ السَّارِقِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ فَسَرَقَ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَعْلَمُ قُطِعَ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ لَا؛ لِأَنَّهُ جَهَرَ، وَلَوْ دَخَلَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ، وَالْعَتَمَةِ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ وَيَجِيئُونَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّهَارِ (قَدْرَ) وَزْنَ (عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) وَزْنُ كُلِّ عَشَرَةٍ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ يَوْمَ السَّرِقَةِ، وَالْقَطْعِ فَلَوْ سَرَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute