للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذَا كَانَ الْمَقُولُ لَهُ فَقِيهًا) أَيْ: عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ فَلَوْ قَالَ بِطَرِيقِ الْحَقَارَةِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ؛ لِأَنَّ إهَانَةَ الْعِلْمِ كُفْرٌ عَلَى الْمُخْتَارِ (أَوْ عَلَوِيًّا) أَيْ: مَنْسُوبًا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كُلُّ مُتَّقٍ وَإِلَّا فَالتَّخْصِيصُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُعَزِّرَ زَوْجَتَهُ لِتَرْكِ الزِّينَةِ) إذَا أَرَادَهَا الزَّوْجُ وَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَيْهَا (وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ إذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ تَكُنْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا (وَتَرْكِ الصَّلَاةِ) كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي التَّنْوِيرِ لَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَعُودُ إلَيْهِ بَلْ إلَيْهَا لَكِنْ الْأَبُ يُعَزِّرُ الِابْنَ لِتَرْكِهَا (وَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا فَرِيضَتَانِ (وَلِلْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا قَبَضَتْ مَهْرَهَا، أَوْ وَهَبَتْهُ مِنْهُ (وَأَقَلُّ التَّعْزِيرِ ثَلَاثَةُ أَسْوَاطٍ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يَقَعُ بِهِ الزَّجْرُ وَذَكَرَ مَشَايِخُنَا أَنْ أَدْنَاهُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.

(وَأَكْثَرُهُ) أَيْ: التَّعْزِيرِ (تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ) سَوْطًا؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْلُغَ حَدَّ الْحَدِّ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعُونَ، وَهُوَ حَدُّ الْعَبْدِ فِي الْقَذْفِ، وَالشُّرْبِ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.

وَفِي شَرْحِ الْمَوْلَى مِسْكِينٍ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ قِيلَ مَعَ الْإِمَامِ وَقِيلَ مَعَ الثَّانِي (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ) سَوْطًا، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَلْيُطَالَعْ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ يَبْلُغُ تِسْعَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ حَدَّ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُمْ الْأُصُولُ، وَهُوَ ثَمَانُونَ وَنَقَصَ عَنْهُ سَوْطًا وَعَنْهُ لَوْ رَأَى الْقَاضِي تَعْزِيرَ مِائَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِالْأَثَرِ، وَإِنْ ضَرَبَ أَكْثَرَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنَّ لَهُ ذُنُوبًا كَثِيرَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ فَوْقَ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ الزِّنَاءِ وَغَيْرِهِ فَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا عَمِلَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَضَرَبَ مِائَةً، أَوْ أَكْثَرَ لِلذَّنْبِ مُطْلَقًا فَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ عَصَمَنِي اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ عَنْ الزَّلَلِ.

(وَيَجُوزُ حَبْسُهُ) أَيْ: حَبْسُ مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ (بَعْدَ الضَّرْبِ) ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ فَلَهُ ضَمُّهُ مَعَهُ إنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً (وَأَشَدُّ الضَّرْبِ التَّعْزِيرُ) ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ خَفِيفٌ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَلَا يُخَفَّفُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى فَوْتِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الِانْزِجَارُ وَاخْتُلِفَ فِي شِدَّتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الشِّدَّةُ هُوَ الْجَمْعُ فَيَجْتَمِعُ الْأَسْوَاطُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَلْ فِي شِدَّتِهِ فِي الضَّرْبِ لَا فِي الْجَمْعِ هَذَا فِيمَا إذَا عَزَّرَ بِمَا دُونَ أَكْثَرِهِ وَإِلَّا فَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ أَشَدِّ الضَّرْبِ فَوْقَ ثَمَانِينَ حُكْمًا فَضْلًا عَنْ أَرْبَعِينَ مَعَ تَنْقِيصِ وَاحِدٍ مَعَ الْأَشَدِّيَّةِ فَيَفُوتُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَقَصَ (ثُمَّ حَدُّ الزِّنَى) ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ أَعْظَمُ وَحُرْمَتَهُ آكَدُ (ثُمَّ) حَدُّ (الشُّرْبِ) لِأَنَّ جِنَايَتَهُ يَقِينِيَّةٌ (ثُمَّ) حَدُّ (الْقَذْفِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ مُحْتَمَلٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَادِقًا وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَتَقَادَمُ وَجَازَ عَفْوُهُ.

(وَمَنْ حُدَّ، أَوْ عُزِّرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ مَنْ حَدَّهُ الْإِمَامُ، أَوْ عَزَّرَهُ (فَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (فَدَمُهُ هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ الشَّرْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>