- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (إلَّا التَّرَاوِيحَ) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ فِي الْجَمَاعَةِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَمْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ بِجَمَاعَةٍ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى الْوِتْرَ بِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِرَمَضَانَ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلتَّرَاوِيحِ عِنْدَهُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ بِالْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا مِنْ التَّرَاوِيحِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
[فَصْلٌ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]
فَصْلٌ
فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَيْ كُسُوفِ الشَّمْسِ فَإِنَّ لِلْقَمَرِ الْخُسُوفَ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ أَجْوَدُ الْكَلَامِ وَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كُسُوفِهَا وَخُسُوفِهَا يُحْمَلُ عَلَى التَّغْلِيبِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ فِي خَبَرِ النَّوَافِلِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا مِنْهَا وَجَعَلَهَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ إشْعَارًا بِأَنَّهَا مُمْتَازَةٌ عَنْ النَّوَافِلِ بِعُرُوضِ أَسْبَابٍ سَمَاوِيَّةٍ نَادِرَةٍ (يُصَلِّي) فِي الْجَامِعِ أَوْ مُصَلَّى الْعِيدِ أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (أَمَامُ الْجُمُعَةِ بِالنَّاسِ) أَيْ إمَامٌ لَهُ دَخْلٌ فِي إقَامَتِهِ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ مِثْلُ السُّلْطَانِ أَوْ مَأْمُورِهِ مِمَّنْ لَهُ إقَامَةٌ نَحْوُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ اجْتِمَاعٌ فَيُشْتَرَطُ هَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ كَالْجُمُعَةِ (عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ بِالنَّاسِ وَدَعَا حَتَّى انْجَلَتْ وَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَفْزَاعِ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ إلَى الدُّعَاءِ» .
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ النَّاسُ إنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا الْحَدِيثَ رَدًّا لِكَلَامِهِمْ لِأَنَّ كُسُوفَهَا مِنْ أَثَرِ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ بِلَا سَبَبٍ وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَأَمْرٌ عَادٍ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَرَدَّ هَذَا الرَّدَّ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَبَطَ الْأَشْيَاءَ بِالْأَسْبَابِ وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ (رَكْعَتَيْنِ) كَهَيْئَةِ النَّافِلَةِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَتُؤَدَّى فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبَّةِ لَا الْمَكْرُوهَةِ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعٌ وَاحِدٌ) عِنْدَنَا لِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَرَجَّحْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ إذْ الْحَالُ أُكْشَفُ لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ لِقُرْبِهِمْ.
(وَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ) يَعْنِي الْأَفْضَلُ أَنْ يُطِيلَ الْقِرَاءَةَ فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِقْدَارَ مِائَةِ آيَةٍ وَيَمْكُثُ فِي رُكُوعِهِ كَذَلِكَ فَإِذَا خُفِّفَتْ الْقِرَاءَةُ طُوِّلَ الدُّعَاءُ لِأَنَّ الْمَسْنُونَ اسْتِيعَابُ الْوَقْتِ بِالصَّلَاةِ (وَيَخْفِيهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
(وَقَالَا يَجْهَرُ) لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَالتَّرْجِيحُ قَدْ مَرَّ.
وَفِي التُّحْفَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ، (ثُمَّ يَدْعُو) الْإِمَامُ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ مُسْتَقْبِلَ الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ وَلَوْ قَامَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ لَكَانَ حَسَنًا (بَعْدَهُمَا حَتَّى تَنْجَلِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute