لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَوْلَى خُصُوصًا قَبْلَ التَّزَوُّجِ، ثُمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ إذَا مَضَتْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ» وَلَا يُعْتَبَرُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْمُدَّةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ إذَا فُطِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يَكُنْ رَضَاعًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا فُطِمَ، أَوْ لَا وَتَرْجِيحُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْلَى خُصُوصًا فِي مَقَامِ الِاحْتِيَاطِ.
وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ مُدَّتِهِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ غَيْرُ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَجَازَ الْبَعْضُ التَّدَاوِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَمْ يَبْقَ حَرَامًا.
[مَا يحرم بِالرَّضَاعِ]
(فَيَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (إلَّا جَدَّةُ وَلَدِهِ) وَإِنْ عَلَتْ؛ لِأَنَّ جَدَّةَ وَلَدِهِ نَسَبًا أُمُّ مَوْطُوءَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ لَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ لَهُ وَجْهٌ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ فِي الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ لَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ أَيْضًا وَالْحُرْمَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ الْمُصَاهَرَةِ لَا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ وَلِذَلِكَ تِلْكَ الْكُلِّيَّةُ فِي الْحَدِيثِ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي النِّكَاحِ تَأَمَّلْ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ جَدَّةُ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي كِلَيْهِمَا وَاحِدٌ (وَأُخْتُ وَلَدِهِ) فَإِنَّ أُخْتَ الْوَلَدِ مِنْ النَّسَبِ إمَّا الْبِنْتُ، أَوْ الرَّبِيبَةُ وَقَدْ وُطِئَتْ أُمُّهَا وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ قِيلَ لَا حَصْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ اثْنَيْنِ كَمَا فِي دَعْوَةِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى كَانَتْ تِلْكَ الْبِنْتُ أُخْتَ الِابْنِ نَسَبًا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَه وَلَا رَبِيبَتَهُ حَتَّى جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ الْآخَرِ كَمَا فِي الْبَاقَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِأُخْتِ الْوَلَدِ هِيَ أُخْتُ الْوَلَدِ الَّذِي اخْتَصَّ بِأَبٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فَلَا يَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ عَلَى الْحَصْرِ النَّاظِرِ إلَى الْأَفْرَادِ الْكَامِلَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالْفَرْدِ النَّاقِصِ النَّادِرِ تَأَمَّلْ (وَعَمَّةُ وَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ عَمَّةَ وَلَدِهِ نَسَبًا أُخْتُهُ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ (وَأَمُّ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ) فَإِنَّ أُمَّ الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ النَّسَبِ هِيَ الْأُمُّ، أَوْ مَوْطُوءَةُ الْأَبِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَرَامٌ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ الْأُولَى الْأُمُّ رَضَاعًا لِلْأُخْتِ، أَوْ الْأَخُ نَسَبًا كَأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ وَلَهَا أُمٌّ مِنْ الرَّضَاعَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالثَّانِيَةُ الْأُمُّ نَسَبًا لِلْأُخْتِ، أَوْ الْأَخِ رَضَاعًا كَأَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَهَا أُمٌّ مِنْ النَّسَبِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَالثَّالِثَةُ الْأُمُّ رَضَاعًا لِلْأُخْتِ، أَوْ لِأَخٍ رَضَاعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute