للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْكِتَابَ (لِمَوْتِهِ) أَيْ زَيْدٍ أَوْ غَيْبَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ أَجْرُ ذَهَابِهِ هُنَا) أَيْ لَهُ الْأَجْرُ لِلذَّهَابِ فِي نَقْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَمْلِ الْكِتَابِ لِخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَقْلُ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوْ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِمَا فِي الْكِتَابِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَقَدْ نَقَضَهُ فَسَقَطَ الْأَجْرُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ لَا مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.

(وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْكِتَابَ (هُنَاكَ لِلْوَرَثَةِ) ، وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى وَصِيِّهِ (فَلَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِأَقْصَى مَا فِي وُسْعِهِ، وَهَذَا إذَا شَرَطَ الْمَجِيءَ وَإِلَّا وَجَبَ كُلُّ الْأُجْرَةِ لَوْ تَرَكَ الْكِتَابَ ثَمَّةَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِيصَالُ.

[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

ُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْإِجَارَةِ وَشُرُوطِهَا وَوَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ ذَكَرَ هُنَا مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ (وَصَحَّ اسْتِئْجَارُ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَذْكُرْ مَا يَعْمَلُ فِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَعَارَفَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّكْنَى فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْجَهَالَةِ كَالْأَرْضِ، وَالثِّيَابِ، فَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ، وَالْعَمَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (أَنْ يَعْمَلَ كُلَّ شَيْءٍ) مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ فَلَهُ الْوُضُوءُ، وَالِاغْتِسَالُ وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَكَسْرُ الْحَطَبِ الْمُعْتَادِ، وَالِاسْتِئْجَارُ بِحَائِطِهِ، وَالدَّقُّ الْمُعْتَادُ الْيَسِيرُ وَأَنْ يَدُقَّ فِيهِ وَتَدًا وَيَرْبِطَ الدَّوَابَّ فِي مَوْضِعٍ مُعْتَادٍ لَهُ وَيُسْكِنَهَا مَنْ أَحَبَّ سَوَاءٌ كَانَ بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُدْخِلَ دَابَّتَهُ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَمَا سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ: اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِلسُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا غَيْرَ السُّكْنَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (سِوَى مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ كَالْحِدَادَةِ، وَالْقِصَارَةِ، وَالطَّحْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَى الْمَالِكِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُوهِنُ الْبِنَاءَ، وَالْمُرَادُ رَحَى الثَّوْرِ وَالْمَاءِ لَا رَحَى الْيَدِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ النَّصْبِ فِيهِ وَلَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ، وَالْأَجْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَدِمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْإِجَارَةَ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>