للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ نِكَاحِ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ شَرَعَ فِي بَيَانِ نِكَاحِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ الرَّقِيقُ فِي اللُّغَةِ الْعَبْدُ وَيُقَالُ لِلْعَبِيدِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَمْلُوكُ مِنْ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْكَافِرَ إذَا أُسِرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَا مَمْلُوكٌ وَإِذَا أُخْرِجَ فَهُوَ مَمْلُوكٌ فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَمْلُوكٍ مِنْ الْآدَمِيِّ رَقِيقٌ، وَلَا عَكْسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَنَّ الرَّقِيقَ هُوَ الْمَمْلُوكُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَالْقِنَّ هُوَ الْمَمْلُوكُ كُلًّا كَمَا فِي الْمِنَحِ (نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا، أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً (وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأَمِّ الْوَلَدِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ) (مَوْقُوفٌ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي الْعَبْدِ مُطْلَقًا قَاسَهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَهِيَ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ (فَإِنْ أَجَازَ) الْمَوْلَى النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ صَرِيحًا، أَوْ دَلَالَةً (نَفَذَ) النِّكَاحُ لَكِنْ لَوْ أَذِنَ بَعْدَهُ كُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا نِكَاحٍ آخَرَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

(وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَوْلَى هُنَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ وَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُمْ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (طَلِّقْهَا رَجْعِيَّةً إجَازَةٌ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَبْقِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَيَدُلُّ عَلَى إذْنٍ (لَا) أَيْ لَا يَكُونُ إجَازَةً لَوْ قَالَ لَهُ (طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ هُنَا حَيْثُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ بِأَنَّ سُكُوتَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (فَإِنْ نَكَحُوا بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ (فَالْمَهْرُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمَذْكُورِينَ فَلَوْ طَلَبَتْ (يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ) فَلَوْ بِيعَ فَلَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِالْمَهْرِ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا وَيُطَالَبُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ يُبَاعُ مِرَارًا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بِالْجَمِيعِ فَإِذَا مَاتَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ هَذَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>