الْمُقِرِّ كَذَا هَذَا وَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا اللَّبَنَ، أَوْ هَذَا السَّمْنَ، أَوْ، هَذَا الْجُبْنَ مِنْ بَقَرَةِ فُلَانٍ، أَوْ هَذَا الصُّوفَ مِنْ غَنَمِهِ، أَوْ هَذَا التَّمْرَ مِنْ نَخْلَتِهِ، وَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّهُ لَهُ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الشَّيْءِ إقْرَارٌ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]
ِ أَقَرَّهُ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَحْكَامٍ لَيْسَتْ لِلصَّحِيحِ، وَأَخَّرَهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ بَعْدَ الصِّحَّةِ (دَيْنُ صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ الْمَرِيضَ (فِي مَرَضِهِ) أَيْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ) كَبَدَلِ مَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بِالشِّرَاءِ، وَعَايَنَهُمَا الشُّهُودُ أَوْ أَهْلَكَ مَالًا أَوْ تَزَوَّجَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَعَايَنَهُمَا النَّاسُ (سَوَاءٌ) لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ سَبَبُهُ انْتَفَى التُّهْمَةُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ فَصَارَ كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ فِي مَرَضِهِ (وَيُقَدَّمَانِ) أَيْ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ (عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ وَدِيعَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ هَذَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الدَّيْنَانِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لَا تُهْمَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ عَقْلٍ، وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِلْحُقُوقِ فِي الْحَالَيْنِ وَلَنَا أَنَّ حَقَّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ تَعَلَّقَ بِمَالِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قَضَائِهِ عَنْ مَالٍ آخَرَ، فَالْإِقْرَارُ فِيهِ صَادَفَ حَقَّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فَكَانَ مَحْجُورًا عَنْهُ وَمَدْفُوعًا بِهِ (وَالْكُلُّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ وَدَيْنِ الْمَرَضِ بِسَبَبٍ مَعْلُومٍ، وَدَيْنِ الْمَرَضِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، فَالْكُلُّ إفْرَادِيٌّ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ) ، وَإِنْ أَحَاطَ الدُّيُونُ الْمَذْكُورَةُ جَمِيعَ مَالِهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ لَكِنْ تُرِكَ بِالْأَثَرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ جَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ، وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْخَبَرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ فَلَا يُتْرَكُ بِالْقِيَاسِ، فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ بِشَرْطِ الْفَرَاغِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَقَضَاءُ دَيْنِهِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَتَكْفِينِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (غَرِيمًا) مِنْ الْغُرَمَاءِ (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ إعْطَاءَ مَهْرٍ وَإِيفَاءَ أَجْرِهِ، لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْبَاقِينَ إلَّا إذَا قَضَى مَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ أَوْ نَقَدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَى فِيهِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّ الْبَائِعَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ تَحَاصَّا وَصَلَ أَوْ فَصَلَ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ تَحَاصَّا، وَعَلَى الْقَلْبِ الْوَدِيعَةُ أَوْلَى.
، وَإِقْرَارُهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ، وَقَبْضِ الثَّمَنِ مَعَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي الْبَيْعِ دُونَ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ كَالدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِهِ إنْ كَانَ دَيْنَ الصِّحَّةِ يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute