للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُحَاسِبِ.

(وَلَوْ قَالَ سَيِّدُهُ كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ) ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُ الْخُنْثَى.

(وَلَوْ قَالَ بَعْدَ تَقَرُّرِ إشْكَالِهِ أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَا يُقْبَلُ) قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ إشْكَالِهِ (يُقْبَلُ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَمِينٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ مَا قَالَهُ.

[مَسَائِل شَتَّى]

قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا ذِكْرَ مَسَائِلَ شَتَّى أَوْ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ أَوْ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ دَأْبِ الْمُصَنِّفِينَ لِتَدَارُكِ مَا لَمْ يَذْكُرُوا بِحَقِّ ذِكْرِهِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا انْتَهَى الْكِتَابُ

(كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْآتِي كَالْبَيَانِ (وَإِيمَاؤُهُ بِمَا يُعْرَفُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِيمَاؤُهُ (بِهِ إقْرَارُهُ بِنَحْوِ تَزَوُّجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِيمَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّنَازُعِ، وَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَوَصِيَّةٍ وَقَوَدٍ) وَجَبَ (عَلَيْهِ أَوَّلُهُ كَالْبَيَانِ) إذَا كَانَ إيمَاءُ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ كَالْبَيَانِ وَهُوَ النُّطْقُ بِاللِّسَانِ يَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ بِالْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ يَكُونُ بَيَانًا مِنْ الْقَادِرِ فَمَا ظَنُّك مِنْ الْعَاجِزِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا قُرِئَ عَلَى الْأَخْرَسِ كِتَابُ وَصِيَّةٍ فَقِيلَ لَهُ نَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ أَوْ كَتَبَ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ إقْرَارٌ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ الشُّرَّاحُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ مَا يَجِيءُ مِنْ الْأَخْرَسِ وَمُعْتَقَلِ اللِّسَانِ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَالَةَ الْإِنْكَارِ مِثْلُ أَنْ يُحَرِّكَ رَأْسَهُ عَرْضًا وَالثَّانِي مَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ يُحَرِّكَ رَأْسَهُ طُولًا إذَا كَانَ مَعْهُودًا مِنْهُ فِي نَعَمْ انْتَهَى.

وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ لَمَّا فَسَّرَ الْإِيمَاءَ بِرَأْسِهِ فِي تَقْدِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ تَعَيَّنَ أَنَّ وَضْعَهَا فِيمَا جَاءَ مِنْهُ دَلَالَةُ الْإِقْرَارِ فَلَمْ تَبْقَ حَاجَةٌ فِي تَقْدِيرِ جَوَابِهَا إلَى قَوْلِهِ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بَلْ كَانَ يَكْفِي قَوْلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا وُرُودَ لَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الشَّارِحِينَ أَنْ يُطَابِقُوا بِكَلَامِهِمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِينَ عَلَى وَجْهِ الْإِيضَاحِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِكَلَامِهِمْ قَالَ مَا قَالَ.

(وَلَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ لِقَذْفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ) كَالزِّنَاءِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَيْ لَا يَكُونُ كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ وَإِيمَاؤُهُ بِالْقَذْفِ وَلَا كِتَابَتُهُ وَإِيمَاؤُهُ بِالْإِقْرَارِ بِالزِّنَاءِ أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ كَالْبَيَانِ حَتَّى يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَفِي كِتَابَتِهِ وَإِيمَائِهِ شُبْهَةٌ، وَكَذَا لَا يُحَدُّ لَهُ إذَا كَانَ مَقْذُوفًا لِبَقَاءِ احْتِمَالِ كَوْنِهِ مُصَدِّقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>