للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِعَارَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِلْبِنَاءِ (خِلَافًا لَهُمَا) ، فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَكْتُبُ الْإِعَارَةَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعَارَةِ مَوْضُوعٌ لِهَذَا الْعَقْدِ، وَالْكِتَابَةُ بِالْمَوْضُوعِ أَوْلَى، وَإِذَا أُعِيرَتْ الْأَرْضُ سُكْنَى لَا لِلزِّرَاعَةِ يَكْتُبُ إنَّك أَعَرْتَنِي أَرْضَك بِالِاتِّفَاقِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمُودَعِ ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَّضَهُ وَدَفَعَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ.

[كِتَاب الْهِبَة]

ِ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَبَيْنَهَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ، وَهِيَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَهِيَ لُغَةً التَّفَضُّلُ عَلَى الْغَيْرِ بِمَا يَنْفَعُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩] .

وَفِي الْعِنَايَةِ إنَّهَا فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ إيصَالِ الشَّيْءِ إلَى الْغَيْرِ بِمَا يَنْفَعُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: ٥] انْتَهَى، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَيَتَعَدَّى إمَّا بِاللَّامِ نَحْوُ وَهَبْته لَهُ وَحَكَى أَبُو عُمَرَ وَهَبْتُكَهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالُوا بِحَذْفِ اللَّامِ مِنْهُ، وَإِمَّا بِمِنْ نَحْوُ وَهَبْته مِنْك عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي دَقَائِقِ النَّوَوِيِّ فَظُنَّ مِنْ الْمُطَرِّزِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ، وَمِنْ التَّفْتَازَانِيِّ أَنَّهُ عِبَارَةُ الْفُقَهَاءِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

وَفِي الشَّرِيعَةِ (هِيَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْهِبَةِ الْمُحَصَّنَةِ الْعَارِيَّةِ عَنْ شَرْطِ الْعِوَضِ، فَإِنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعٌ انْتِهَاءً فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُنْتَقَضُ التَّعْرِيفُ بِالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ مَا ارْتَكَبَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَاعْتِرَاضُ بَعْضٍ عَلَيْهِ تَدَبَّرْ، وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ عَيْنُ الْمَالِ لَا الْعَيْنُ الْمُطْلَقُ بِقَرِينَةِ التَّمْلِيكِ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّذِي لَيْسَ بِمَالٍ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِالتَّمْلِيكِ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>