للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَالْفَجْرُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ فَإِنَّهُ ضَوْءُ الصُّبْحِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْوَقْتُ كَذَا قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: بَدَأَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ وَاقِعٌ فِيهِمَا أَوْ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ النَّهَارِ أَوْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ صَلَّاهَا آدَم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ أُهَبِّطَ مِنْ الْجَنَّةِ، وَبَدَأَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بِوَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ بَدَأَ بِهِ (مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) أَيْ الصَّادِقِ.

(وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ) أَيْ الْمُنْتَشِرُ (فِي الْأُفُقِ) يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَهُوَ الْمُسْتَضِيءُ الْمُسَمَّى بِالصُّبْحِ الصَّادِقِ؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقُ ظُهُورًا وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَطِيلِ، وَهُوَ الَّذِي يَبْدُو فِي نَاحِيَةٍ مِنْ السَّمَاءِ كَذَنَبِ السَّرَطَانِ طُولًا ثُمَّ يَنْكَتِمُ فَسُمِّيَ فَجْرًا كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ يَبْدُو نُورُهُ ثُمَّ يُخْفَى وَيَعْقُبُهُ الظَّلَامُ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَغُرُّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ» إنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ (إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ إلَى وَقْتِ طُلُوعِ شَيْءٍ مِنْ جِرْمِ الشَّمْسِ.

وَفِي النَّظْمِ إلَى أَنْ يَرَى الرَّائِي مَوْضِعَ نَبْلِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا وَكَادَتْ الشَّمْسُ تَطْلُعُ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ لَك وَلِأُمَّتِك» .

[وَقْت الظُّهْر]

(وَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ زَوَالِهَا) أَيْ زَوَالِ الشَّمْسِ عَنْ الْمَحَلِّ الَّذِي تَمَّ فِيهِ ارْتِفَاعُهَا، وَتَوَجَّهَ إلَى الِانْحِطَاطِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَفِي مَعْرِفَةِ الزَّوَالِ رِوَايَاتٌ أَصَحُّهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ أَنْ تَغْرِزَ خَشَبَةً مُسْتَوِيَةً فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَمَا دَامَ ظِلُّهَا عَلَى النُّقْصَانِ لَمْ تَزُلْ فَإِذَا وَقَفَتْ بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ وَلَمْ تَزِدْ فَهُوَ قِيَامُ الظَّهِيرَةِ لَا تَجُوزُ فِيهِ الصُّورَةُ فَإِذَا أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ فَقَدْ زَالَتْ عَنْ الْوُقُوفِ فَخُطَّ عَلَى مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ خَطًّا فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْخَطِّ إلَى الْعَوْدِ فَيْءُ الزَّوَالِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الشَّمْسُ فِي سَمْتِ الرَّأْسِ كَمَا فِي خَطِّ الِاسْتِوَاءِ ثُمَّ إنَّ الْفَيْءَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِحَسَبِ الْعُرُوضِ وَالْأَزْمِنَةِ بِحَسَبِ الْفُصُولِ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْفَيْءُ كَالشَّيْءِ وَهُوَ نَسْخُ الشَّمْسِ قَالَ ابْنُ مَلِكٍ فِي إضَافَةِ الْفَيْءِ إلَى الزَّوَالِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فَيْءَ قُبَيْلِ الزَّوَالِ.

وَفِي الدُّرَرِ: وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّوَالِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ لِحُصُولِهِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَلَا يُعَدُّ تَسَامُحًا انْتَهَى لَكِنْ يُرَدُّ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِضَافَةِ كَمَالُ الِاخْتِصَاصِ مِثْلُ التَّمْلِيكِ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ هَذَا يَكُونُ إمَّا تَجَوُّزًا إنْ لُوحِظَتْ الْعَلَاقَةُ، وَإِلَّا يَكُونُ تَسَامُحًا وَالْأَيْسَرُ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَمَا دَامَتْ الشَّمْسُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْسَرِ فَالشَّمْسُ لَمْ تَزُلْ، وَإِذَا صَارَتْ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ عُلِمَ أَنَّهَا قَدْ زَالَتْ (إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ) وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ أَخَذَ الْإِمَامُ.

(وَقَالَا إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلًا) وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ وَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>