وَلَيْسَتْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ (شُهِّرَ) فَقَطْ (وَلَا يُعَزَّرُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ (وَعِنْدَهُمَا يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ) .
وَفِي الْكَافِي اعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ يُعَزَّرُ إجْمَاعًا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً اتَّصَلَ ضَرَرُهَا بِمُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ تَعْزِيرِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ تَعْزِيرُهُ تَشْهِيرُهُ فَقَطْ وَقَالَا يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَرَبَ شَاهِدَ الزُّورِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَسَخَّمَ وَجْهَهُ وَلَهُ أَنَّ شُرَيْحًا الْقَاضِيَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانَ يُشَهِّرُ بِأَنْ يَبْعَثَهُ إلَى سُوقِهِ، أَوْ إلَى قَوْمِهِ لِإِفْشَاءِ قَبَاحَتِهِ وَهَذَا التَّشْهِيرُ لَا يَخْفَى عَلَى الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ وَكَانَ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ احْتِجَاجًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لَا تَقْلِيدًا لِشُرَيْحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى تَقْلِيدَ التَّابِعِيِّ وَحَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ بِدَلَالَةِ التَّبْلِيغِ إلَى الْأَرْبَعِينَ وَالتَّسْخِيمِ.
[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]
ِ مُنَاسَبَتُهَا لِلشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِنْسَانَ يَحْتَاجُ فِي مَعَاشِهِ إلَى التَّعَاضُدِ وَالشَّهَادَةِ مِنْهُ فَكَذَا الْوَكَالَةُ وَهِيَ لُغَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِلتَّوْكِيلِ مِنْ وَكَّلَهُ بِكَذَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَقِيلَ هِيَ الْحِفْظُ وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَالتَّوْكِيلُ صَحِيحٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَشَرْعًا (هِيَ) أَيْ الْوَكَالَةُ (إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامُ نَفْسِهِ فِي التَّصَرُّفِ) وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا ثَبَتَ بِأَدْنَى التَّصَرُّفَاتِ وَهُوَ الْحِفْظُ فِيمَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك بِمَالِي فَلَوْ قَالَ فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ لَكَانَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا يَشْمَلُ الْجَائِزَ وَالْمَعْلُومَ وَغَيْرَهُمَا كَمَا فِي الْمِنَحِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ اللَّامَ لِلْعَهْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ تَدَبُّرٍ (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ (كَوْنُ الْمُوَكِّلِ) اسْمُ فَاعِلٍ (مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَلَا بُدَّ لِلْمُفِيدِ مِنْ أَنْ يَمْلِكَهُ وَيُقَدِّرَهُ قِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيلُ حَاصِلًا بِمَا يَمْلِكُهُ الْوَكِيلُ فَكَوْنُ الْمُوَكِّلِ مَالِكًا لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي وَكَّلَ بِهِ الْوَكِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute