الْحَرْبِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ اعْتِبَارًا بِالْمُسْتَأْمَنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا وَلَهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ فِي دَارِهِمْ فَبِأَيِّ طَرِيقٍ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْهُمْ لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِعَقْدِ الْأَمَانِ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ الرِّبَا عِنْدَ الْإِمَامِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمَنْ آمَنَ ثَمَّةَ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ فِي مَالِ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ فَصَارَ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَخْذُ مَالِ الْحَرْبِيِّ بِرِضَاهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ رِبًا جَرَى بَيْنَ مُسْلِمِينَ فَحَرُمَ وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ عَدَمَ الْعِصْمَةِ مَمْنُوعٌ أَلَا يُرَى أَنَّ الْغَانِمِينَ لَمْ يَمْلِكُوا مَا فِي يَدِ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ إذَا ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ بَيْعَ الشَّيْءِ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا يَكُونُ بِرِضَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَخَذُوا مَا فِي يَدِ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا قَهْرًا لَا بِالرِّضَى فَاقْتَرَفَا تَدَبَّرْ.
[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]
ِ كَانَ مِنْ حَقِّ مَسَائِلِ الْحُقُوقِ أَنْ تُذْكَرَ فِي الْفَصْلِ الْمُتَّصِلِ بِأَوَّلِ الْبُيُوعِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ الْهِدَايَةِ كَمَا الْتَزَمَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ تَوَابِعُ فَيَلِيقُ ذِكْرُهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الْمَتْبُوعِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ مَسَائِلَ الْحُقُوقِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي بَابٍ آخَرَ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُمَا فِي بَابٍ وَلَيْتَ شِعْرِي لِمَ تَرَكَ أُسْلُوبَهُ؟ وَالْحُقُوقُ جَمْعُ حَقٍّ وَهُوَ خِلَافُ الْبَاطِلِ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَقَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ إذَا وَجَبَ وَثَبَتَ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَرَافِقِ الدَّارِ حُقُوقُهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فَلْيُرَاجَعْ (يَدْخُلُ الْعُلُوُّ وَالْكَنِيفُ فِي بَيْعِ الدَّارِ) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا يُدَارُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ مِنْ الْحَائِطِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِلَ وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسَقَّفٍ وَالْعُلُوُّ مِنْ أَجْزَائِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَا الْكَنِيفُ دَاخِلٌ فِيمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مَبْنِيًّا عَلَى الظُّلَّةِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا عَادَةً وَكَذَا يَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ الَّتِي فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ الدَّاخِلُ وَأَمَّا الْخَارِجُ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا يَدْخُلُ لِأَنَّهَا يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ عُرْفًا وَالْكَنِيفِ الْمُسْتَرَاحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْبِنَايَةِ الدَّارُ لُغَةً اسْمٌ لِقِطْعَةِ أَرْضٍ ضُرِبَتْ لَهَا الْحُدُودُ وَمُيِّزَتْ عَمَّا يُجَاوِرُهَا بِإِدَارَةِ خَطٍّ عَلَيْهَا فَبُنِيَ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ لِيُجْمَعَ فِيهَا مَرَافِقُ الصَّحْرَاءِ لِلِاسْتِرْوَاحِ وَمَنَافِعُ الْأَبْنِيَةِ لِلْإِسْكَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ بِالْأَحْجَارِ وَالتُّرَابِ أَوْ بِالْخِيَامِ وَالْقِبَابِ (وَلَا) تَدْخُلُ (الظُّلَّةُ) فِي بَيْعِ الدَّارِ الظُّلَّةُ وَالسَّابَاطُ الَّذِي يَكُونُ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الدَّارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute