للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَمْكَنَ الدَّفْعُ أَوْ الِاسْتِرْدَادُ بِدُونِ الْقَتْلِ لَا يَقْتُلُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ فَلَا فَائِدَةَ يُعْتَدُّ بِهَا حِينَئِذٍ بِقَيْدِ الْإِخْرَاجِ فَتَأَمَّلْ.

(وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِ مَنْ شَهَرَ عَصًا) نَهَارًا فِي مِصْرٍ لِأَنَّهُ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَهُ الْغَوْثُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَصَا الَّتِي تَلْبَثُ وَاَلَّتِي لَا تَلْبَثُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْعَصَا الَّتِي لَا تَلْبَثُ مِثْلُ السِّلَاحِ فِي الْحُكْمِ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْمِصْرِ وَغَيْرِهِ (أَوْ شَهَرَ سَيْفًا وَضَرَبَ بِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَرَجَعَ) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ شَهَرَ عَصًا يَعْنِي يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا شَهَرَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا فَضَرَبَهُ الشَّاهِرُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَانْصَرَفَ ثُمَّ إنْ الْمَشْهُورَ عَلَيْهِ ضَرَبَ الشَّاهِرَ فَقَتَلَهُ لِعِصْمَةِ دَمِ الشَّاهِرِ بِالِانْصِرَافِ لِأَنَّ هَدَرَ دَمِهِ كَانَ بِاعْتِبَارِ شَهْرِهِ وَضَرْبِهِ فَإِذَا انْصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ عَادَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِصْمَةِ فَيُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ لِأَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا مَعْصُومَ الدَّمِ.

(وَلَوْ شَهَرَ مَجْنُونٌ أَوْ صَبِيٌّ عَلَى آخَرَ سَيْفًا فَقَتَلَهُ الْآخَرُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَلَوْ قَتَلَ جَمَلًا صَائِلًا عَلَيْهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ) .

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الدَّابَّةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَلَنَا أَنَّ الْفِعْلَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مُتَّصِفٍ بِالْحُرْمَةِ فَلَمْ يَقَعْ بَغْيًا فَلَا تَسْقُطُ الْعِصْمَةُ بِهِ لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ الصَّحِيحِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِقَتْلِهِمَا وَلَا الضَّمَانُ بِفِعْلِ الدَّابَّةِ وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ كَانَ قَضِيَّتُهُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ وَهُوَ دَفْعُ الشَّرِّ فَيَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْآدَمِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الدَّابَّةِ.

[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذْ الْجُزْءُ يَتْبَعُ الْكُلَّ (هُوَ) أَيْ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ إلَى مَا وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الْجِنَايَةِ (حِفْظُ الْمُمَاثَلَةِ) وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ رِعَايَتُهَا فِيهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَمَا لَا فَلَا (إذَا كَانَ عَمْدًا فَيُقْتَصُّ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْمَفْصِلِ) لَا فِيمَا إذَا قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ رِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ يَدِ الْمَقْطُوعِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْيَدِ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْكِبَرُ وَالصِّغَرُ فِي شَجَّةِ الرَّأْسِ إذَا اسْتَوْعَبَتْ رَأْسَ الْمَشْجُوجِ وَكَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ هُوَ الشَّيْنُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدِ فَإِنَّ الشَّيْنَ فِيهِ لَا يَخْتَلِفُ وَلِهَذَا خُيِّرَ بَيْنَ الِاقْتِصَاصِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ.

(وَكَذَا الرِّجْلُ) إذَا قُطِعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>