للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مَاتَ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ خَطَأً وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِتَمَامِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(مُكَاتَبٌ ارْتَدَّ فَلَحِقَ) بِدَارِهِمْ وَاكْتَسَبَ مَالًا (فَأُخِذَ بِمَالِهِ) أَيْ أُخِذَ مَعَ مَالِهِ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ (وَقُتِلَ فَبَدَلُ الْكِتَابَةِ لِمَوْلَاهُ وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ) أَيْ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إنَّمَا يَمْلِكُ اكْتِسَابَهُ بِالْكِتَابَةِ وَالرِّدَّةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْكِتَابَةِ فَكَذَا اكْتِسَابُهُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كُلُّهُ لِمَوْلَاهُ.

(زَوْجَانِ ارْتَدَّا فَلَحِقَا) بِدَارِهِمْ الْأَوْلَى بِالْوَاوِ (فَوَلَدَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْوَلَدِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَالْوَلَدَانِ) أَيْ وَلَدُهُمَا وَوَلَدُ وَلَدِهِمَا (فَيْءٌ) لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُسْتَرَقُّ فَكَذَا وَلَدُهَا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأُمَّ (وَيُجْبَرُ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَدُهُمَا (عَلَى الْإِسْلَامِ) تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ (لَا وَلَدُهُ) أَيْ لَا يُجْبَرُ وَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ أَيْضًا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ لَا يَتْبَعُ الْجَدَّ فِي الْإِسْلَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَتْبَعُهُ فِي رِوَايَةٍ.

وَفِي التَّنْوِيرِ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَوَلَدَتْ هُنَاكَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُ أَبَاهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْهُ حَتَّى سُبِيَتْ ثُمَّ وَلَدَتْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ مَرْقُوقٌ فَلَا يَرِثُ أَبَاهُ (وَإِسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ صَحِيحٌ) فَلَا يَرِثُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ.

(وَكَذَا ارْتِدَادُهُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ إسْلَامَهُ إسْلَامٌ وَارْتِدَادَهُ لَيْسَ بِارْتِدَادٍ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَصِحُّ كِلَاهُمَا مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْبُلُوغِ قَيَّدَهُ بِالْعَاقِلِ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ ارْتِدَادُهُ وَإِسْلَامُهُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَخَرَجَ عَنْ هَذَا إسْلَامُ السَّكْرَانِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَالْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ الْعَاقِلُ الْمُمَيِّزُ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ فَمَا فَوْقَهَا لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ فَأَجَابَهُ إلَيْهِ» وَقِيلَ الَّذِي يَعْقِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ.

وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ لِغُلَامِهِ الْكَافِرِ فَقَالَ أَنَا عَلَى هَذَا فَهُوَ مُسْلِمٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَهْمُ مَا قَالَهُ قَالَ لَهُ صِفْ لِي الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ الشَّيْخِ الْجَلِيلِ إذَا أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ الْإِسْلَامُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَفْسِيرَهَا.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الْإِيمَانِ كَالْبَالِغِ لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ بِلَا إيمَانٍ خَلَدَ فِي النَّارِ ذَكَرَهُ فِي التَّجْرِيدِ.

[الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ إذَا ارْتَدَّ]

(وَيُجْبَرُ) الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ إذَا ارْتَدَّ (عَلَى الْإِسْلَامِ) لِمَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُ (وَلَا يُقْتَلُ إنْ أَبَى) لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي صِحَّةِ رِدَّتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَلْفَاظًا تَكُونُ إسْلَامًا أَوْ كُفْرًا أَوْ خَطَأً مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْمُهِمَّاتِ الدِّينِيَّةِ فَذَكَرْنَاهَا فِي آخِرِ بَابِ الْمُرْتَدِّ لِلْمُنَاسَبَةِ فَمَا يَكُونُ كُفْرًا بِالِاتِّفَاقِ يُوجِبُ إحْبَاطَ الْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ وَتَلْزَمُ إعَادَةُ الْحَجِّ إنْ كَانَ قَدْ حَجَّ وَيَكُونُ وَطْؤُهُ حِينَئِذٍ مَعَ امْرَأَتِهِ زِنًا وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَدُ الزِّنَا ثُمَّ إنْ أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ لَمْ يَنْفَعْهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَمَّا قَالَهُ لِأَنَّهُ بِالْإِتْيَانِ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ لَا يَرْتَفِعُ الْكُفْرُ وَمَا كَانَ فِي كَوْنِهِ كُفْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>