للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّازِمَ مَقَامَ الْمَلْزُومِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتَا، أَوْ وَقَّتَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ وَقَّتَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَدَّعِي الْعُمُومَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[كِتَاب الْوَدِيعَة]

ِ لَا خَفَاءَ فِي اشْتِرَاكِهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْأَمَانَةُ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَدْعِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّرْكِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجَمَاعَاتِ أَوْ لَيُخْتَمَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيُكْتَبُنَّ مَعَ الْغَافِلِينَ» أَيْ عَنْ تَرْكِهَا يُقَالُ لَهُ مُودَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ وَلِتَارِكِهَا مُودِعٌ بِكَسْرِهَا.

وَفِي الشَّرِيعَةِ (الْإِيدَاعُ تَسْلِيطُ الْمَالِكِ غَيْرَهُ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ) صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً لِمَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ انْفَتَقَ زِقُّ رَجُلٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَلَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ فَقَدْ الْتَزَمَ حِفْظَهُ دَلَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَلَمْ يَذُقْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ (الْوَدِيعَةُ مَا يُتْرَكُ عِنْدَ الْأَمِينِ لِلْحِفْظِ) مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ: أَوْدَعْتُك هَذَا الْمَالَ أَوْ كِنَايَةً كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ: أَعْطِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ رَجُلٌ: أَعْطِنِيهِ فَقَالَ: أَعْطَيْتُك فَهَذَا عَلَى الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ أَوْ فِعْلًا كَمَا لَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَهُوَ إيدَاعٌ أَمَّا لَوْ قَالَ: لَمْ أَقْبَلْهُ لَمْ يَضْمَنْ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ لَا يُعَارَضُ بِالصَّرِيحِ، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ: قَبِلْتهَا وَنَحْوِهِ، أَوْ دَلَالَةً كَمَا لَوْ سَكَتَ عِنْدَ وَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ كِتَابَهُ عِنْدَ قَوْمٍ فَذَهَبُوا وَتَرَكُوهُ ضَمِنُوا إذَا ضَاعَ، وَإِنْ قَامَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ضَمِنَ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ فَتَعَيَّنَ الضَّمَانُ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَ ثِيَابَهُ فِي الْحَمَّامِ بِمَرْأَى الثِّيَابِيِّ كَانَ إيدَاعًا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يَكُونُ الْحَمَّامِيُّ مُودَعًا مَا دَامَ الثِّيَابِيُّ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْحَمَّامِيُّ مُودَعٌ، وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا فَقَالَ هُنَاكَ كَانَ إيدَاعًا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَبِسَ ثَوْبًا بِمَرْأَى الثِّيَابِيِّ فَظَنَّ الثِّيَابِيُّ أَنَّهُ ثَوْبُهُ، فَإِذَا هُوَ ثَوْبُ الْغَيْرِ ضَمِنَ هُوَ الْأَصَحُّ.

وَلَوْ نَامَ الْحَمَّامِيُّ وَسُرِقَ الثَّوْبُ إنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ الطَّيْرَ الْآبِقَ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَالَ السَّاقِطَ فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>