عَمْدًا تَكَاسُلًا فَاسِقٌ يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَقِيلَ: يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَلَوْ كَانَ التَّارِكُ صَبِيًّا وَسِنُّهُ عَشْرُ سِنِينَ لَوَجَبَ الضَّرْبُ عَلَى تَرْكِهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ فَاعِلِهَا بِالْجَمَاعَةِ وَلَا تَجْزِي فِيهَا النِّيَابَةُ أَصْلًا.
(وَلَوْ ارْتَدَّ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (عَقِيبَ فَرْضِ صَلَاةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَانَ الرِّدَّةِ) يَعْنِي إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ عَلَى رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِيهَا مِنْ الْفَرَائِضِ عِنْدَنَا وَيَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
(وَلَا) يَلْزَمُ (قَضَاءُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ جَهِلَ فَرْضِيَّتَهُ) يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمَكَثَ زَمَانًا ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ عِنْدَنَا أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا دَارُ الْعِلْمِ وَشُيُوعُ الْأَحْكَامِ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْعِلْمِ وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُهُ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ.
[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]
ِ إضَافَتُهُ إلَى السَّبَبِ وَهِيَ الْأَصْلُ وَالسَّهْوُ غَفْلَةُ الْقَلْبِ عَنْ الشَّيْءِ الْمَعْلُومِ فَيَتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ فَإِنَّهُ زَوَالُ الْمَعْلُومِ فَيُسْتَأْنَفُ تَحْصِيلُهُ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّكِّ وَالْأُدَبَاءُ عَرَّفُوا الشَّكَّ بِأَنَّهُ تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالظَّنَّ تَسَاوِيهُمَا وَجِهَةُ الصَّوَابِ أَرْجَحُ وَالْوَهْمَ تَسَاوِيهُمَا وَجِهَةُ الْخَطَأِ أَرْجَحُ (إذَا سَهَا) الْمُصَلِّي (بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ (سَجْدَتَيْنِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا حَتَّى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ سَقَطَ السُّجُودُ (بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ) بَيَانٌ لِمَحِلِّهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَبْلَ السَّلَامِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِثْلُ الْمَذْهَبَيْنِ قَوْلًا وَفِعْلًا لَكِنْ ذَكَرَ الْمَقْدِسِيُّ كَرَاهَتَهُ قَبْلَهُ تَنْزِيهًا.
(وَقِيلَ بَعْدَ) تَسْلِيمَةٍ (وَاحِدَةٍ) كَمَا هُوَ مُخْتَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ يُكْتَفَى بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ» وَالْمُتَعَارَفُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ قَوْلُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ أَصْحَابٍ كَانُوا قَرِيبِينَ فِيهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْلَى وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ وَكَانَتْ مِنْ صَفِّ النِّسَاءِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ مِنْ الصِّبْيَانِ فَيُحْمَلُ