التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ، قِيلَ مِقْدَارُ الْحَرَمِ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَمِنْ الشِّمَالِ اثْنَا عَشَرَ لَكِنَّ الْأَصَحَّ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ تَقْرِيبًا أَوْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ الْمَغْرِبِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْ الْجَنُوبِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَحَدَّدَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ فَقَالَ
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا شِئْت إتْقَانَهُ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَةٌ
[فَصْلٌ بَيَانِ الْإِحْرَامِ]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِحْرَامِ هُوَ مَصْدَرُ أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ وَالْمُرَادُ الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا (وَإِذَا أَرَادَ) الْحَاجُّ أَوْ الْمُعْتَمِرُ (الْإِحْرَامَ نُدِبَ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيَقُصَّ شَارِبَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ) وَيَنْتِفَ إبْطَيْهِ هُوَ الْمُتَوَارَثُ (ثُمَّ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْتَسِلَ) لِتَحْصِيلِ النَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ حَتَّى تُؤْمَرَ بِهِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَلِهَذَا لَا يَنُوبُ التَّيَمُّمُ لَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّهُ مُلَوَّثٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ (وَهُوَ) أَيْ الِاغْتِسَالُ (أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ تَنْظِيفًا (وَيَلْبَسَ إزَارًا) بِلَا عَقْدِ حَبْلٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مِنْ وَسَطِ الْإِنْسَانِ (وَرِدَاءً) مِنْ الْكَتِفِ فَيَسْتُرَ بِهِ الْكَتِفَ وَيَشُدَّهُ فَوْقَ السُّرَّةِ، وَإِنْ غَرَزَ طَرَفَيْهِ فِي إزَارِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ هَذَا إذَا وَجَدَ وَإِلَّا فَيَشُقَّ سَرَاوِيلَهُ وَيَتَّزِرَ بِهِ أَوْ قَمِيصَهُ وَيَتَرَدَّى بِهِ (جَدِيدَيْنِ أَبْيَضَيْنِ وَهُوَ) أَيْ الْجَدِيدُ الْأَبْيَضُ (أَفْضَلُ) لِقُرْبِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَفُضِّلَ الْأَبْيَضُ.
(وَلَوْ كَانَا غَسِيلَيْنِ) طَاهِرَيْنِ (أَوْ لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا وَاحِدًا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ السُّنَّةُ (وَيَتَطَيَّبَ) أَيْ يُسَنُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ إنْ وَجَدَ قَيَّدْنَا بِالْبَدَنِ إذْ لَا يَجُوزُ الطِّيبُ فِي الثَّوْبِ بِمَا يَبْقَى أَثَرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي إطْلَاقِهِ إشَارَةٌ إلَى شُمُولِ مَا يَبْقَى أَثَرُهُ كَالْمِسْكِ وَمَا لَا يَبْقَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْأَوَّلِ (وَيُصَلِّي) فِي مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ (رَكْعَتَيْنِ) قَرَأَ فِيهِمَا مَا شَاءَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ تَبَرُّكًا بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَلَا يَقْضِي (فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا) مِنْ الْإِفْرَادِ (بِالْحَجِّ يَقُولَ عَقِيبَهُمَا) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ بِلِسَانِهِ مُطَابِقًا بِجَنَانِهِ (اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي) ؛ لِأَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ إلَّا بِتَيْسِيرِك (وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي) كَمَا تَقَبَّلْتَ مِنْ حَبِيبِك وَخَلِيلِكَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَيْثُ قَالَ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
(وَإِنْ نَوَى بِقَلْبِهِ) لَا بِلِسَانِهِ (أَجْزَأَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى وَلَوْ نَوَى مُطْلَقَ الْحَجِّ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْأَخْرَسِ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ مَعَ النِّيَّةِ.
وَفِي الْمُحِيطِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ مُسْتَحَبٌّ (ثُمَّ يُلَبِّي) عَقِيبَ صَلَاتِهِ وَهِيَ أَفْضَلُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُلَبِّيَ حِينَمَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الْبَيْدَاءِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي أَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute