للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَافِلَةِ عَلَى بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ وَاحِدٌ فَصَارَتْ الْقَافِلَةُ كَدَارٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَبَيْتٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ مَقَاصِيرُ كَمَا سَبَقَ انْتَهَى.

لَكِنْ فِيهِ الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّارِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الدَّارُ الَّتِي صَاحِبُهَا وَاحِدٌ وَبُيُوتُهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِهِ وَخُدَّامِهِ وَبَيْنَهُمْ انْبِسَاطٌ لَا الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فِيهَا حُجُرَاتٌ يَسْكُنُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إنْسَانٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ تَشْبِيهَ الْقَافِلَةِ بِالْبَيْتِ غَيْرٌ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ وَاحِدٌ بِخِلَافِ الْقَافِلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ.

(أَوْ قُطِعَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (الطَّرِيقُ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا بِمِصْرٍ، أَوْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ) فَلَيْسَ بِقَاطِعِ الطَّرِيقِ اسْتِحْسَانًا.

وَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِوُجُودِهِ حَقِيقَةً.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ إنْ قَصَدُوا فِي الْمِصْرِ بِالسِّلَاحِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَإِنْ قَصَدُوا بِالْحَجَرِ، وَالْخَشَبِ، فَإِنْ كَانُوا خَارِجَ الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا بِقُرْبٍ مِنْهُ أَوْ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ نَظَرًا لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ بِدَفْعِ شَرِّ الْمُتَغَلِّبَةِ الْمُفْسِدِينَ.

وَفِي التَّنْوِيرِ الْعَبْدُ فِي حُكْمِ قَطْعِ الطَّرِيقِ كَغَيْرِهِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهِمْ امْرَأَةٌ فَقَتَلَتْ وَأَخَذَتْ الْمَالَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ تُقْتَلْ الْمَرْأَةُ وَقُتِلَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلُ دُونَ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَيُقْتَلُ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ (وَمَنْ خَنَقَ فِي الْمِصْرِ غَيْرَ مَرَّةٍ) أَيْ: صَارَ عَادَتُهُ (قُتِلَ بِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ ذَلِكَ لِتَكَلَّأْتُ؛ لِأَنَّهُ ذُو فِتْنَةٍ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَيُقْتَلُ دَفْعًا لِفِتْنَتِهِ وَشَرِّهِ عَنْ الْعِبَادِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُخْنَقْ غَيْرُ مَرَّةٍ، بَلْ خَنَقَهُ مَرَّةً (فَكَالْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ) أَيْ: لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[كِتَابُ السِّيَرِ]

[أَحْكَام الْجِهَاد]

لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحُدُودِ إخْلَاءُ الْعَالَمِ عَنْ الْمَعَاصِي وَمِنْ الْجِهَادِ إخْلَاؤُهُ عَنْ رَأْسِ الْمَعَاصِي أَوْرَدَ السِّيَرَ عَقِيبَ الْحُدُودِ، وَالسِّيَرُ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ مِنْ السَّيْرِ فَتَكُونُ لِبَيَانِ هَيْئَةِ السَّيْرِ وَحَالَتِهِ إلَّا أَنَّهَا غَلَبَتْ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْكَافِرِينَ، وَالْبَاغِينَ وَغَيْرِهِمَا (الْجِهَادُ) فِي اللُّغَةِ بَذْلُ مَا فِي الْوُسْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>