لِنَقْلِ الْفِعْلِ إلَيْهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لِلْعَامَّةِ ضَمِنَ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ إنَّهُ لِي أَوْ لَمْ يَقُلْ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ أَمْرِهِ.
(وَمَنْ بَنَى قَنْطَرَةً) أَيْ عَلَى نَهْرٍ كَبِيرٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَتَعَمَّدَ أَحَدٌ الْمُرُورَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ (فَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَانِي) لِأَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ الْمُرُورَ وَكَانَ بَصِيرًا وَيَجِدُ مَوْضِعًا آخَرَ لِلْمُرُورِ صَارَ كَأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ فَنُسِبَ التَّلَفُ إلَيْهِ دُونَ الْمُتَسَبِّبِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ بِأَنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ مَرَّ لَيْلًا يَضْمَنُ إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا وَضَعَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا يَضْمَنُ.
[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]
فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ مَسَائِلِ الْقَتْلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْإِنْسَانِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ (إنْ مَالَ حَائِطٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَطُولِبَ رَبُّهُ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ (بِنَقْضِهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْمُرُورِ شُرَكَاءُ مِمَّنْ يَمْلِكُ نَقْضَهُ وَهَدْمَهُ فَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّ حَائِطَك هَذَا مَخُوفٌ أَوْ مَائِلٌ فَانْقُضْهُ حَتَّى لَا يَسْقُطَ أَوْ اهْدِمْهُ فَإِنَّهُ مَائِلٌ وَالْإِشْهَادُ بَعْدَ الطَّلَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْإِشْهَادِ فِيمَا ذُكِرَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِ الطَّلَبِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَهَذَا لَا يَنْفِي وُجُودَ مَعْنَى الْإِشْهَادِ إذَا وَقَعَ الطَّلَبُ عِنْدَ الشُّهُودِ بَلْ يَنْبَغِي الْإِشْهَادُ بِلَفْظِ اشْهَدُوا وَتَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْإِشْهَادِ.
وَفِي الْمِنَحِ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي تَقَدَّمْت إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَدْمِ حَائِطِهِ هَذَا صَحَّ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ: يَنْبَغِي لَك أَنْ تَهْدِمَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِطَلَبٍ وَلَا إشْهَادٍ بَلْ هُوَ مَشُورَةٌ (فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهُ فِيهَا فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ بِانْهِدَامِهِ (نَفْسٌ أَوْ مَالٌ) (ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ) أَيْ عَاقِلَةُ رَبِّ الْحَائِطِ (النَّفْسَ، وَ) ضَمِنَ (هُوَ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ (الْمَالَ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُنْعٌ هُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ لِأَنَّهُ بَنَى الْحَائِطَ فِي مِلْكِهِ وَالسُّقُوطُ وَالْمَيَلَانُ لَيْسَ مِنْ صُنْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute