للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي لَا يَقَعُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ بِالْقَصْدِ الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ كَالنَّائِمِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الْعَقْلُ وَقَدْ زَالَ فَصَارَ كَزَوَالِهِ بِالْبَنْجِ وَالدَّوَاءِ وَلَنَا أَنَّ الْعَقْلَ زَالَ بِسَبَبٍ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَيُجْعَلُ بَاقِيًا زَجْرًا لَهُ حَتَّى لَوْ شَرِبَ فَصَدَعَ رَأْسَهُ وَزَالَ عَقْلُهُ بِالصُّدَاعِ لَا يَقَعُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ مُكْرَهًا، أَوْ شَرِبَ لِضَرُورَةٍ فَسَكِرَ وَطَلَّقَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْوُقُوعِ كَمَا لَا يُحَدُّ، وَلَوْ سَكِرَ مِنْ الْأَنْبِذَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ، أَوْ الْعَسَلِ لَا يَقَعُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَقَعُ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ وَيَقَعُ، وَلَوْ زَالَ بِالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ لَا يَقَعُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ حِينَ شَرِبَ أَنَّهُ بَنْجٌ يَقَعُ وَإِلَّا لَا وَعَنْهُمَا لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَوْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلُقُ زَجْرًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. انْتَهَى، لَكِنْ صَحَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْوُقُوعِ كَمَا مَرَّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُتَأَمَّلَ عِنْدَ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الدِّيَانَاتِ (أَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (أَخْرَسَ) يَقَعُ (بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي نِكَاحِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَهِيَ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ اسْتِحْسَانًا هَذَا إذَا وُلِدَ أَخْرَسَ، أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَدَامَ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ لَا يَقَعُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَنُقِلَ عَنْ الْمُنْتَقَى الْمَرِيضُ الَّذِي اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ لَا يَكُونُ كَالْأَخْرَسِ.

(لَا) يَقَعُ (طَلَاقُ صَبِيٍّ) ، وَلَوْ مُرَاهِقًا لِفَقْدِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ (وَمَجْنُونٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ» وَهَذَا ذِكْرُ مَا عُلِمَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي الرِّوَايَاتِ لَكِنَّهُ فِي ذِكْرِهِ صَرِيحًا قُوَّةٌ ظَاهِرَةٌ.

وَفِي التَّنْوِيرِ لَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ، ثُمَّ بَلَغَ وَقَالَ أَجَزْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِخِلَافِ مَا قَالَ أَوْقَعْته فَإِنَّهُ يَقَعُ (وَنَائِمٍ) إنَّمَا لَمْ يَقَعْ لِانْعِدَامِ الِاخْتِيَارِ فِيهِ، وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمَدْهُوشُ وَالْمَعْتُوهُ وَهُوَ اخْتِلَالُ الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ فَيُشْبِهُ مَرَّةً كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَمَرَّةً كَلَامَ الْمَجَانِينِ.

(وَ) لَا يَقَعُ طَلَاقُ (سَيِّدٍ عَلَى زَوْجَةِ عَبْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ (وَاعْتِبَارُهُ) أَيْ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ (بِالنِّسَاءِ) لَا بِالرِّجَالِ وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ اعْتِبَارُهُ بِالرِّجَالِ (فَطَلَاقُ الْحُرَّةِ ثَلَاثٌ وَلَوْ) كَانَتْ (تَحْتَ عَبْدٍ وَطَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ، وَلَوْ تَحْتَ حُرٍّ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» هَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ فَلْيُطَالَعْ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ.

[بَابُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ]

ِ لَمَّا ذَكَرَ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَوَصَفَهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ تَنْوِيعِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِيقَاعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالصَّرِيحِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْكِنَايَةِ وَالصَّرِيحُ مَا كَانَ ظَاهِرَ الْمُرَادِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْكِنَايَةُ مَا كَانَ مُسْتَتِرَ الْمُرَادِ فَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى النِّيَّةِ فَقَالَ: (صَرِيحُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>