وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرُ الْخَطِيبِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَعَ الْخُطْبَةِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنْ فَعَلَ بِأَنْ خَطَبَ صَبِيٌّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ وَلَا بَأْسَ بِالسَّفَرِ يَوْمَهَا إذَا خَرَجَ مِنْ عُمْرَانِ الْبَلَدِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُسَافِرٌ فِيهِ وَيَخْطُبُ بِسَيْفٍ فِي بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ وَإِلَّا لَا.
[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
وَمُتَعَلِّقِهِمَا وَسُمِّيَ يَوْمُ الْعِيدِ بِالْعِيدِ لِأَنَّ لِلَّهِ فِيهِ عَوَائِدَ الْإِحْسَانِ إلَى عِبَادِهِ أَوْ لِأَنَّهُ يَعُودُ وَيَتَكَرَّرُ أَوْ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ عَلَى يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى جَمْعُهُ أَعْيَادٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ أَعْوَادٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوْدِ لَكِنْ جُمِعَ بِالْيَاءِ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُودِ أَيْ الْخَشَبِ وَكَانَتْ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَوَجْهُ تَقْدِيمِهَا غَيْرُ خَفِيٍّ (تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥] قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةُ الْعِيدِ وَكَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] وَلِمُوَاظَبَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ وَذَا دَلِيلُ الْوُجُوبِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَقُولُ: فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْمُوَاظَبَةِ كَلَامٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْمُوَاظَبَةِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ ذَكَرْنَاهُ فِي بَحْثِ الِاسْتِنْجَاءِ وَقِيلَ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْمُؤَكَّدَةِ كَالْوَاجِبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.
[شَرَائِطُ صَلَاة الْعِيد]
(وَشَرَائِطُهَا كَشَرَائِطِ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا وَأَدَاءً) تَمْيِيزٌ أَيْ كَشَرَائِطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَوُجُوبِ أَدَائِهَا مِنْ نَحْوِ الْإِقَامَةِ وَالْمِصْرِ فَلَا يُصَلِّي أَهْلُ الْقُرَى وَالْبَوَادِي (سِوَى الْخُطْبَةِ) فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي الْجُمُعَةِ لَا فِي الْعِيدِ فَالْجُمُعَةُ بِدُونِ الْخُطْبَةِ لَا تَجُوزُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَكِنْ أَسَاءَ بِتَرْكِهَا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَتُقَدَّمُ الْخُطْبَةُ فِي الْجُمُعَةِ وَتُؤَخَّرُ فِي الْعِيدِ.
وَلَوْ قُدِّمَتْ فِي الْعِيدِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تُعَادُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا اجْتَمَعَتَا لَكِنْ تُقَدَّمُ عَلَى خُطْبَةِ الْعِيدِ.
(وَنُدِبَ) أَيْ اُسْتُحِبَّ (فِي الْفِطْرِ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا قَبْلَ صَلَاتِهِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ حُلْوًا.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «يَأْكُلُ تَمَرَاتٍ وَتْرًا» فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ قَبْلَهَا لَا يَأْثَمُ لَكِنْ بِالتَّرْكِ فِي الْيَوْمِ يُعَاقَبُ.
(وَيَسْتَاكُ وَيَغْتَسِلُ) وَهُمَا سُنَّتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ ذَكَرَهُمَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُقَالَ سَمَّاهُمَا مُسْتَحَبًّا لِاشْتِمَالِ السُّنَّةِ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ (وَيَتَطَيَّبُ) لِأَنَّهُ يَوْمُ اجْتِمَاعٍ لِئَلَّا يَقَعَ التَّأَذِّي بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ.
(وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) جَدِيدًا كَانَ أَوْ مَغْسُولًا لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ «كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ حُلَّةً حَمْرَاءَ» .
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْيَمَنِ فِيهِمَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهُ أَحْمَرُ بَحْتٌ (وَيُؤَدِّي