أَدْرَكَهُ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ جُمُعَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ نَوَى الْجُمُعَةَ لَا إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْهَا وَظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَقْضِيهِ فَبِاعْتِبَارِ الْجُمُعَةِ تُفْتَرَضُ الْقَعْدَةُ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ وَالْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ وَبِاعْتِبَارِ الظُّهْرِ لَا تُفْتَرَضُ فَوَجَبَتْ الْقَعْدَةُ وَالْقِرَاءَةُ فِي الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ قُعُودًا صَلَّى أَرْبَعًا» وَلَهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ» وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَعْدَةِ فِيمَا رَوَاهُ قُعُودٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قُعُودًا فِي الصَّلَاةِ؛ وَالْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَبْنِي أَحَدُهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْآخَرِ.
(وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ (فَلَا صَلَاةَ) فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ وَلَا يَقْطَعُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيِّ.
(وَلَا كَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا يُبَاحُ الْكَلَامُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْإِخْلَالِ بِفَرْضِ الِاسْتِمَاعِ وَلَا اسْتِمَاعَ هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَمْتَدُّ فَتُفْضِي إلَى الْإِخْلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْكَلَامِ إذَا نَزَلَ حَتَّى يُكَبِّرَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي الْخُطْبَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَكَانَ إحْرَازًا بِفَضِيلَتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَيَجِبُ السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ) وَالْوَاقِعِ عَقِيبَ الزَّوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] وَقِيلَ بِالْأَذَانِ الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُخْتَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْأَذَانَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَفُوتُهُ أَدَاءُ السُّنَّةِ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ إذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا مِنْ الْجَامِعِ.
(فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أُذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَانِيًا) وَبِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ (وَاسْتَقْبَلُوهُ مُسْتَمِعِينَ) مُنْصِتِينَ سَوَاءٌ كَانُوا قَرِيبِينَ أَوْ بَعِيدِينَ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُشَمِّتُونَ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّونَ سَلَامًا وَلَا يَقْرَءُونَ قُرْآنًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّونَ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا دَامَ الْخَطِيبُ فِي حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْمَوَاعِظِ فَعَلَيْهِمْ الِاسْتِمَاعُ فَإِذَا أَخَذَ فِي مَدْحِ الظَّلَمَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ.
(فَإِذَا أَتَمَّ) الْخَطِيبُ (الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ) وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute