أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَرِهَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ الزَّوَالِ.
(وَلَا) يُكْرَهُ (مَضْغُ طَعَامٍ لَا بُدَّ مِنْهُ لِطِفْلٍ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَمْضُغُ لَهُ مِمَّنْ هُوَ لَيْسَ بِصَائِمٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَأْكُلُهُ ذَلِكَ الصَّبِيُّ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ فَالْأَوْلَى أَنْ تُبِيحَ الْمَكْرُوهَ.
(وَلَا) تُكْرَهُ (الْحِجَامَةُ) لِمَا رَوَيْنَاهُ آنِفًا (وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الِاسْتِنْشَاقُ لِلتَّبَرُّدِ) وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ.
(وَكَذَا الِاغْتِسَالُ وَالتَّلَفُّفُ بِثَوْبٍ) مَبْلُولٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّضَجُّرِ فِي إقَامَةِ الْعِبَادَةِ.
(وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِوُرُودِ الْأَثَرِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَوْنٌ عَلَى الْعِبَادَةِ وَدَفْعٌ لِلتَّضَجُّرِ الطَّبِيعِيِّ وَبِهِ يُفْتَى.
(وَقِيلَ تُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) وَإِنَّمَا قَالَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِيَشْمَلَ الْوُضُوءَ وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِالْيُبُوسَةِ حَيْثُ لَوْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ.
(وَ) تُكْرَهُ (الْمُبَاشَرَةُ وَالْمُعَانَقَةُ وَالْمُصَافَحَةُ فِي رِوَايَةٍ) عَنْ الْإِمَامِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ.
(وَيُسْتَحَبُّ السَّحُورُ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» قِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ حُصُولُ التَّقَوِّي عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ الْمُرَادُ زِيَادَةُ الثَّوَابِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَلَا مُنَافَاةَ فَلْيَكُنْ الْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ.
(وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ السَّحُورِ إلَى مَا لَمْ يَشُكَّ فِي الْفَجْرِ.
(وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُرْسَلِينَ: تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ، وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ وَالسِّوَاكُ» وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ حِينَ الْإِفْطَارِ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَبِك آمَنْتُ وَعَلَيْك تَوَكَّلْتُ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْتُ وَلِصَوْمِ الْغَدِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَوَيْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ.
[فَصْلٌ بَيَانِ وُجُوهِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْإِفْطَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ وُجُوهِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْإِفْطَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِالْعُذْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْإِثْمِ؛ فَلِذَا ذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ (يُبَاحُ الْفِطْرُ لِمَرِيضٍ خَافَ) بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ وَقِيلَ عَدَالَتُهُ شَرْطٌ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ (زِيَادَةَ) مَنْصُوبٌ لِنَزْعِ الْخَافِضِ (مَرَضِهِ) الْكَائِنِ أَوْ امْتِدَادَهُ أَوْ وَجَعَ الْعَيْنِ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ صُدَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ خَوْفُ عَوْدِ الْمَرَضِ وَنُقْصَانِ الْعَقْلِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ بِالصَّوْمِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَمَةُ الَّتِي تَخْدُمُ إذَا خَافَتْ الضَّعْفَ جَازَ أَنْ تُفْطِرَ ثُمَّ تَقْضِيَ وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ الِائْتِمَارِ بِأَمْرِ الْمَوْلَى إذَا كَانَ يُعْجِزُهَا عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ، وَالْعَبْدُ كَالْأَمَةِ وَمَنْ لَهُ نَوْبَةُ حُمَّى فَأَفْطَرَ مَخَافَةَ الضَّعْفِ عِنْدَ إصَابَةِ الْحُمَّى فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَالْكَائِنِ وَقَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ مَنْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ كُرِهَ صَوْمُهُ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ بَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ