صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَمِنْ الْمَنَافِعِ الْوَطْءُ، وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةُ الْوَطْءِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ تُرَاعَى فِي الْجِنْسِ لَا فِي كُلِّ فَرْدٍ وَالْوَطْءُ مُتَحَقِّقٌ فِي جِنْسِ بَنِي آدَمَ انْتَهَى. لَكِنْ بَقِيَ هَاهُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْوَطْءَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ تَدَبَّرْ.
وَفِي الْفَتْحِ: يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَوْ جَوَّزُوا بَيْعَ هَذَا فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمْ يَبْلُغُ فِيمَا ذُكِرَ؟ فَهُوَ قِيمَتُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ عِنْدِي وَقِيلَ قِيمَتُهُ قِنًّا وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ وَقِيلَ نِصْفُ قِيمَتِهِ قِنًّا وَقِيلَ قِنًّا وَقِيلَ تُقَوَّمُ خِدْمَتُهُ مُدَّةَ عُمْرِهِ ضَرَرًا فِيهِ فَمَا بَلَغَتْ فَهِيَ قِيمَتُهُ.
(وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ هِيَ) أَيْ الْأَمَةُ (أُمُّ وَلَدِك وَأَنْكَرَ) الشَّرِيكُ ذَلِكَ (تَخْدُمُهُ) أَيْ تَخْدُمُ الْأَمَةُ الْمُنْكِرَ (يَوْمًا وَتَوَقَّفُ) أَصْلُهُ تَتَوَقَّفُ فَحُذِفَتْ إحْدَى التَّاءَيْنِ (يَوْمًا) أَيْ لَا تَخْدُمُ أَحَدًا يَوْمًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِلْمُنْكِرِ وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهَا لِلْمُقِرِّ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهَا فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالْمُنْكِرُ يَزْعُمُ أَنَّهَا كَمَا كَانَتْ فَلَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِي نِصْفِهَا وَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ، وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمُنْكِرِ (وَقَالَا لِلْمُنْكِرِ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا فِي حَظِّهِ إنْ شَاءَ ثُمَّ تَكُونُ حُرَّةً) كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُصَدِّقْهُ صَاحِبُهُ انْقَلَبَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا فَتُعْتَقُ بِالسِّعَايَةِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ رُجُوعُ أَبِي يُوسُفَ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، تَدَبَّرْ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفَقَتِهَا وَكَسْبِهَا وَجِنَايَتِهَا، وَفِي الْمُخْتَلَفِ مِنْ بَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ نَفَقَتَهَا فِي كَسْبِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْمُنْكِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، وَقَالَ غَيْرُهُ نِصْفُ كَسْبِهَا لِلْمُنْكِرِ وَنِصْفُهُ مَوْقُوفٌ وَنَفَقَتُهَا مِنْ كَسْبِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ فَنِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ لِلْمُنْكِرِ وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ أَصْلًا، وَأَمَّا جِنَايَتُهَا فَتَسْعَى فِيهَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَالْمُكَاتَبِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ جِنَايَتُهَا مَوْقُوفَةٌ إلَى تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَمَا) نَافِيَةٌ (لِأُمِّ وَلَدٍ تَقَوُّمٌ) أَيْ لَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَمُقْتَضَى الْحُرِّيَّةِ زَوَالُ التَّقَوُّمِ (فَلَا يَضْمَنُ مُوسِرًا عَتَقَ لِصَبِيِّهِ مِنْهَا) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَيَاهُ فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَقَوُّمِهَا (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (هِيَ مُتَقَوِّمَةٌ) كَالْمُدَبَّرَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ الْيَوْمَ يَدْخُلُ فِيهِ أُمَّ الْوَلَدِ (فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْهَا) فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بِنَاءً عَلَى تَقَوُّمِهَا.
[بَابُ الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ]
ِ (رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ قَالَ) فِي صِحَّتِهِ (لِاثْنَيْنِ عِنْدَهُ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) وَثَبَتَ الْآخَرُ (وَدَخَلَ الْآخَرُ) أَيْ الثَّالِثُ (فَأَعَادَ الْقَوْلَ) أَيْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ إنْ كَانَ حَيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ مَاتَ) (مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ) فَإِنْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْإِيجَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute