للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْقِيَامِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُؤَذِّنًا لَمْ يَقُمْ الْقَوْمُ إلَّا عِنْدَ الْفَرَاغِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ هُوَ رَاجِعًا إلَى الْإِمَامِ.

[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

جَمْعُ شَرْطٍ بِالتَّسْكِينِ، وَالشَّرِيطَةُ فِي مَعْنَاهُ وَجَمْعُهَا شَرَائِطُ وَالشَّرَطُ بِالتَّحْرِيكِ الْعَلَامَةُ وَالْجَمْعُ أَشْرَاطٌ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ عَلَامَاتُهَا وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الشُّرُوطُ لَا الْأَشْرَاطُ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ شُرُوطَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِلَّةِ، أَوْ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَرَائِطِهَا مِنْ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَهِيَ الْحُكْمُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ شَرَائِطِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِهِمَا فَالْمَشْرُوطُ يُضَافُ إلَى شَرْطِهِ وُجُودًا عِنْدَهُ وَالْمَعْلُولُ يُضَافُ إلَى عِلَّتِهِ وُجُوبًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ أَنَّ الرُّكْنَ دَاخِلٌ فِي الْمَاهِيَّةِ وَالشَّرْطَ خَارِجُهَا وَيَفْتَرِقَانِ افْتِرَاقَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فَكُلُّ رُكْنٍ شَرْطٌ وَلَا يَنْعَكِسُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعَامِّ عَدَمُ الْخَاصِّ، وَالْأَعَمُّ وَالْأَخَصُّ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْأَعَمِّ وُجُودُ الْأَخَصِّ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْأَعَمِّ عَدَمُ الْأَخَصِّ.

ثُمَّ قَدَّمَ الطَّهَارَةَ عَلَى سَائِرِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهَا؛ إذْ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا ثُمَّ قَدَّمَ الْوَقْتَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ شَرْطٌ فَهُوَ عِلَّةُ الْوُجُوبِ أَيْضًا فَكَانَ لَهُمَا زِيَادَةُ قُوَّةٍ عَلَى سَائِرِ الشُّرُوطِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

وَفِي الدُّرَرِ لَمْ يَقُلْ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَهُ جَعَلَهُ صِفَةً كَاشِفَةً لَا مُمَيِّزَةً؛ إذْ لَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ مَا لَا يَكُونُ مُقَدَّمًا حَتَّى يَكُونَ احْتِرَازًا عَنْهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ احْتِرَازًا عَنْ الشُّرُوطِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا بَلْ يُقَارِنُهَا أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا وَهِيَ الَّتِي تُذْكَرُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ كَالتَّحْرِيمَةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ، وَالْمُرَادُ شَرْطُ الصِّحَّةِ لَا شَرْطُ الْوُجُودِ وَلِذَلِكَ صَحَّ تَنَوُّعُهُ إلَى النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ انْتَهَى

أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَشَرْطُ الْخُرُوجِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ لَيْسَا بِشَرْطَيْنِ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ الْخُرُوجُ وَالْبَقَاءُ، وَإِنَّمَا يُسَوَّغُ أَنْ يُقَالَ: شَرْطُ الصَّلَاةِ نَوْعَانِ مِنْ التَّجَوُّزِ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ تَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِقِ الْأَقْدَامِ (هِيَ طَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي مِنْ حَدَثٍ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] وَلِآيَةِ الْوُضُوءِ (وَخَبَثٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اسْتَنْزِهُوا عَنْ الْبَوْلِ» الْحَدِيثَ وَقَدَّمَ الْحَدَثَ عَلَى الْخَبَثِ لِقُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ مَانِعٌ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَبَثِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ الْخَرْءِ وَنَحْوِهِ يُنَجِّسُ الْبِئْرَ وَالْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَا يُنَجَّسُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيمٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ انْتَهَى

أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الصُّورِيِّ لَا يَقْتَضِي وَجْهًا فَيَلْزَمُ بَيَانُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَأَمَّا قِيَاسُ تَنَجُّسِ الْبِئْرِ وَالْمَاءِ بِالنَّجَاسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>